الأربعاء، 10 مايو 2017

إنها مصر ـ محمد صالح رجب - المشهد

إنها مصر..  " بقلم : محمد صالح رجب "

نخطئ كثيرا عندما نفقد " الموضوعية " في تناولنا للأمور، نخطئ كثيرا حينما نحتفي أكثر مما ينبغي بزعماء وقادة دول عند زيارتهم لمصر، كما نخطئ أيضا عندما نضخم من زيارة قادتنا لهذه الدولة أو تلك. عقب كل زيارة من تلك، نتحسس كرامتنا، يتسرب إلينا إحساس بغيض وكأنما على رؤوسنا بطحة، يقابله إحساس بالفضل لدى الآخر..
استمعت مؤخرا إلى شهادات استماع للجنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي والتي كانت تناقش الدعم الأمريكي المقدم إلى مصر، ورأيت مشهدا يتنافى كليا مع تلك الضجة التي صاحبت زيارة الرئيس السيسي لأمريكا، والتي صُورت على أنها فتح مصري لأمريكا، استمعت إلى كل الشهادات والتي كانت جميعها ضد مصر وقيادتها، ومن هذه الشهادات شهادة الباحثة والدبلوماسية الأمريكية " ميشيل دان " والتي عملت لفترة في السفارة الأمريكية بالقاهرة والتي اعتادت النيل من مصر ولربما لم تنس أن مصر منعت دخولها يوما إلى أراضيها، فراحت تتقيأ حقدا على مصر، لم يقلقني توصيتها بعدم إدراج جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية بحجة أنه سيكون لصالح تنظيم الدولة " داعش "، فهذا الأمر يخصهم وحدهم ، لكن ما أقلقني هو ردها حول سؤال عن رد فعل الحكومة المصرية المتوقع على خفض محتمل للمعونة الأمريكية قد يصل إلى 15% من إجمالي المعونة المقدرة بمليار وثلاثمائة مليون دولار، فقالت " بسخف": أن السيسي" متلهف" لتوطيد العلاقة مع ترامب.. بما يعني أننا " رمين جتتنا عليهم" بما يعني أن مصر لن تغضب ولن تخرج من العباءة الأمريكية كما قال أحدهم في ذات الجلسة، حيث قال " إن العلاقة مع أمريكا دعم مهم لنظام السيسي"..
هذا ينقلنا إلى ما بدأت به، لا ينبغي أبدا أن نهلل كثيرا و نهول لزيارة السيسي لأمريكا، أو أي دولة أخرى، كما لا ينبغي أن نبالغ في حفاوة استقبال كائن من كائن على أراضينا، لا ينبغي أن نخرج عن الموضوعية في تعاملنا مع الآخرين، لسنا في حاجة إلى ذلك التضخيم أو تلك الحفاوة، ليست على رؤوسنا بطحة، شرعية النظام في مصر يمنحها فقط الشعب ونوابه وليست لأحد آخر، لا تقررها استقبالات الرؤساء للسيسي ولا استقبال السيسي لهم.. وعلى الدولة المصرية وممثليها وإعلامها بل وعلى كل مصري، أن يتعامل بما يليق بدولة بحجم مصر، دون إفراط أو تفريط.. إنها مصر، يا سادة، إن كنتم لا تعلمون..