الاثنين، 19 يونيو 2017

مصر ولعبة المصالح بالمنطقة " بقلم : محمد صالح رجب "


تشهد المنطقة العربية والشرق الأوسط عموما حركة سياسية نشطة في أعقاب فوز ترامب بمنصب الرئاسة الأمريكية، كل التحركات بما فيها توافد القادة العرب ومعهم تركيا على العاصمة الأمريكية واشنطن للقاء الرئيس ترامب، وكذا اجتماعات الرياض فيما عرف بالقمة العربية الإسلامية الأمريكية، كلها تشي أن المنطقة على شفا ترتيبات جديدة، في تلك الترتيبات ثمة أوزان نسبية لكل دولة بقدر تأثيرها في ملفات المنطقة المشتعلة، ما يُستشف أن لمصر دورا في تلك الترتيبات لا يتناسب وحجمها ومكانتها.  
تراجع الدور المصري كثيرا في أواخر سنوات حكم مبارك وتراجع أكثر عقب ثورة يناير2011 ولم يتعاف بعد، لم يعد للقاهرة دورها المؤثر في القضايا الساخنة بالمنطقة، تراجع الدور المصري سمح لأطراف وقوى أخرى مثل قطر وتركيا بمحاولة شغل الفراغ الذي خلفته القاهرة، كما جرأ دولا أخرى كأثيوبيا والسودان على مصر، محاولة إشغال مصر بنفسها من جانب تلك القوى وعرقلة تعافيها أمر يجب أن تتخطاه القيادة المصرية سريعا، التقوقع والانكفاء على الذات هو مخطط لتقزيم مصر، وإجبارها على التخلي عن دورها القيادي والمحوري لصالح تلك القوى، وما يحدث على الساحة الإقليمية يؤكد أن تلك القوى قد نجحت بشكل أو بآخر في إشغال مصر بنفسها، حيث هُمِّشت القاهرة أو كادت في معظم قضايا المنطقة، حتى القضية الفلسطينية التي ارتبطت دوما بمصر زاحمت قطر وتركيا مصر دورها في هذا الملف.
أمن الدول لم يَعُد بالتمترس خلف الحدود وإنما امتد لحماية مصالحها أينما كانت، أمن الدول بات يبدأ من الخارج، على مصر ألا تأخذ وقتا طويلا في ترتيب البيت الداخلي بل عليها أن تعمل بالتوازي على استعادة دورها المؤثر في ملفات المنطقة الساخنة، والقاهرة تعلم جيدا كيف تسترد هذا الدور إن امتلكت الإرادة والرغبة الحقيقية في استعادته، لدى القاهرة أوراق مهمة وكروت يمكن أن تناور بها، ولعل تعامل القاهرة مع الملف الليبي بداية جيدة لاستعادة هذا الدور، غير أن التقاعس والتردد في باقي ملفات المنطقة لحسابات هنا أو هناك، أو خشية من ردات فعل قد تؤثر على الداخل المصري الذي لم يتعاف بعد، أمر غير مفيد في صراع المصالح الدائر الآن في المنطقة.
التقوقع داخل الحدود لحين ترتيب البيت الداخلي سيكلف مصر غاليا في لعبة المصالح التي يجري تقاسمها الآن بترتيبات جديدة للمنطقة.