كفانا تعقل .. "
بقلم : محمد صالح رجب"
لحظات حزينة
، مشاعر فياضة ملتهبة ، النفوس مشحونة ضد الإرهابيين ، الكل يطلب القصاص ، الكل
يطلب الثأر ، أصوات قليلة ، يقال عنها أصوات عاقلة وحدها تغرد خارج السرب تطالب
بالتعامل بعقلانية مع الموقف ، يقولون أنه عند الغضب عادة ما تؤخذ قرارات غير
صائبة ، لكن هذه العقلانية لا تشفي صدور المصريين ، لا تبرد حرارة ما يشعرون به من
نقمة تجاه هؤلاء القتلة الإرهابيين ، جربنا تلك الأصوات مرات عدة في مواقف مشابهة
ولم نجن من ورائها إلا مزيدا من الألم والجروح والدماء ، هذه المرة الحكومة على المحك
، بل شعبية الرئيس نفسه باتت على المحك ، لن ننصت هذه المرة لمن يقال لهم أصوات
عاقلة ، بمقاييس هؤلاء العقلاء ، جندي مصري
لن يستطيع أن يحمل مدفع ب11 ويصعد به الساتر الترابي "خط بارليف" ،
بمقاييس هؤلاء العقلاء ، مصر لا يمكن لها أن تحارب إسرائيل وتنتصر ، لكن بمقاييس
العسكرية المصرية والشعب المصري ، استطعنا أن نفعل ما رأوه مستحيلا ، بمقاييس
هؤلاء الآن يقولون علينا التروي ثم التروي ثم بعد ذلك مزيدا من التروي ، علينا
التعقل ، يجب ألا نتخذ قرارات انفعالية قد تؤدي إلى تأزم الموقف أكثر ، عيون
العالم ترقبنا ، ينتظرون لنا الزلات ، مثل هذه الأقوال باتت تصيبنا بالاشمئزاز ،
علينا أن ننفعل ، علينا أن نغضب ، علينا أن نستثار نصرة لتلك الدماء ، عيوننا يجب أن
توجه فقط لحماية الدولة المصرية ومواطنيها ، لكن عينا واحدة لا تكفي ، تعطيل
الأخرى وإشغالها بالنظر إلى الخارج ومتابعة ردود أفعالهم تجاه ما نقوم به يفقدنا عينا ومساحة للرؤيا بالتأكيد
كانت ستفيد في معركتنا مع الإرهاب ، يجب أن نضرب بيد من حديد على كل من تسول له
نفسه تهديد الدولة المصرية ومواطنيها بصرف النظر عن رد فعل الآخرين ،
سئمنا
"الطبطبة " والتماس الأعذار للمقصرين من بني جلدتنا ـ أيا من كانوا،
وأينما كانوا ـ سئمنا السلبية التي يتعامل بها البعض منا مع الإرهابيين ، كما
سئمنا التعقل وضبط النفس مع دول تدعم الإرهاب في مصر ، كررنا كثيرا نحن في حاجة إلى
خطوات استباقية فعالة تجاه هذه الدول ، لا أقول حروبا لكن هناك الكثير مما يمكن
فعله للضغط على هذه الدول وهناك ما يمكن فعله لإشغالها بنفسها عوضا عن الانشغال
بمصر .
سئمنا دور
الشقيقة الكبرى التي تترفع عن الرد على أخطاء الآخرين ، سئمنا دور المظلومية التي تتقمصه
مصر حتى ألان انتظارا لاعتراف العالم بأننا ضحية للإرهاب ،آن الآوان لسرعة الحسم
واتخاذ إجراءات عاجلة وفاعلة تحد من هذه الدماء دون النظر إلى الخارج أو إلى تلك
الأصوات التي تهبط من عزائمنا وتطالبنا بالتروي والتعقل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق