https://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:88Y1XuM4oakJ:https://www.dostor.org/4132254+&cd=13&hl=ar&ct=clnk&gl=sa
ضحكت من قلبي كثيرًا حين طرأت تلك الفكرة الغريبة على ذهني، أظن أن للأمر علاقة بإلحاح أمي علىّ بالزواج، تصف أمي رفضي كل تلك الجميلات ذوات الحسب والنسب بــ «البَطَر»، وللحقيقة لم أكن أعلم سببًا لهذا الرفض.
طردت الفكرة العجيبة التي داهمتني، لكنها ما لبثت أن عاودتني بقوة حين حدثتني أمي من جديد في أمر زواجي وعرضت علىّ مجموعة جديدة من الصور لفاتنات قالت إنهن من ذوى الحسب والنسب، وإن أقل واحدة منهن تمتلك عمارة ورصيدًا في البنك. عندها ضحكت كثيرًا فغضبت أمي وانقلب وجهها كمن تقول: «أُجْهد نفسى من أجلك وأنت لا تبالى». كانت تريد أن ترى حفيدًا لها قبل الموت كما كانت تردد دائمًا. عندها وجدت نفسى أستحضر الفكرة العجيبة التي داهمتني وأبشرها بموافقتي على الزواج، لكنى وضعت شرطًا إضافيًا، وقبل أن تسمع شرطي انفرجت شفتاها عن ابتسامة وهى تقول: «حقك».. اشرط كما تشاء.. المهم إنك وافقت..
وحين أخبرتها بشرطي شردتْ قليلًا كمن تبحث فيمن تعرف عن هذا الاسم قبل أن تعود إلى نفسها وتقول بصوت مرتفع:
وماله، ماجى ماجى، نجيب لك عروسة اسمها ماجي..
ثم انصرفت..
لا أعرف في حياتي شخصية باسم «ماجي» سوى بطلة مسلسل عُرض منذ زمن ولا أتذكر منه سواها.. كانت جميلة ممشوقة القوام، شعرها كستنائي قصير، عيناها زرقاوان، ترتدى ملابس مبهجة، تتحدث بثقة وبكبرياء، تسير واثقة الخطى مرفوعة الرأس، تحاور وتجادل.. لا أظن أن أمي ستجد «ماجي» إلا إذا تواصلت مع تلك الشخصية بنفسها، ضحكت فى نفسى وأنا أهمس:
حتى تلك، لن يكون بإمكاني الزواج منها، مؤكد أنها قد تزوجت وأنجبت وترك الزمن أثره عليها.
ثم قلت:
المهم أن الكرة الآن باتت في ملعب أمي، وأنها لن تحدثني بعد الآن في أمر زواجي.
لكن المفاجأة التي ألجمتني حين فاجأتني أمي بعدها بأيام قليلة ومعها عدد من صور لبنات جميلات قالت: «كلهن ماجي». عندها لم يكن أمامي غير الإذعان، اخترت واحدة منهن وقلت: «هذه نصيبي»، رأيت الفرحة في وجه أمي، همست لنفسي: «إن لم يكن للأمر من حسنات غير هذا لكفاني». أَفْسَحَت ابتسامتي طريقًا للخادمة لتطلق زغرودة بدت محشورة في حلقها. وخشيةً من تراجعي عجلت أمي بزيارة العروس.. كانت العروس جميلة، من أسرة محافظة، أصولها قروية، سكنوا المدينة بعد أن سافر الأب إلى الخارج وكوّن ثروة لا بأس بها. كل شيء كان سريعًا، اتفقنا على موعد عقد القران، طبيعة الأسرة المحافظة وقلة ثقة أمي فىّ عَجَّلتا بالأمر. في الموعد اكتظت الشقة بالمدعوين، جَلستُ في مواجهة والدها أمام المأذون الذى بدأ بإجراءات عقد القران، لكن شيئًا غريبًا شد انتباهي، لقد ذكر خطأ اسم العروس. فاستوقفته قائلًا:
- اسمها «ماجي».
ضحك الأب وهو يخبرني أن ماجي اسم الدلع لـ«مجيدة»، حينها انتفضت وانسحبت وسط دهشة الحضور، تبعتني أمي وقد اكتسى وجهها غضبًا.
في السيارة أخبرتها أن عليها ألا تغضب، فشرطي الذى كان واضحًا منذ البداية لم يتحقق في تلك العروس، ثم قلت: «خيرها في غيرها».. ساد صمت للحظات ثم وجدتها وأنا قد انفجرنا ضاحكين حتى دمعت عينانا.