عودا على بدء .. ( بقلم : محمد صالح رجب )
لاشك أن المتابع المحايد للساحة السياسية المصرية ، يستشف تراجع المد لتيار الإسلام السياسي ، وانخفاض الزخم والوهج الذي بدأ به عقب الثورة المصرية في 25 يناير 2011 م ، نتيجة لأخطاء ارتكبها بعض رموز هذا التيار ، وفي ظل تربص مسبق لأعداء هذا التيار والفشل الذر يع في بعث رسالة طمأنة لشريحة كبيرة من المصريين كانوا في مسيس الحاجة إليها مفادها أن المصلحة العامة هي الهدف والمبتغى ، ومصر هي أسمى وأعلى من أي حزب أو جماعة ..
وباعتقادي أن قطاعا كبيرا المصريين وصلوا إلى هذه القناعة عقب إعلان أسماء اللجنة التأسيسية للدستور ، والإصرار على السير قدما في أعمال هذه اللجنة رغم الانسحابات المتتالية لرموز القوى الوطنية والمؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر الشريف والكنيسة المصرية .. فبدا للعيان أن أنصار هذا التيار إنما جل همهم الحصول على أقصى مكاسب ممكنه تحت أي ظرف وبأي ثمن حتى ولو كان على حساب التوافق الوطني ، فأهدروا بذلك فرصة ثمينة ليثبت فيها أنصار هذا التيار أن أقواله تتسق مع أفعاله ..
وجاء حكم المحكمة الإدارية بإيقاف أعمال اللجنة التأسيسية للدستور كطوق نجاة لأنصار هذا التيار ، وقد تلقف قادته هذا الحكم بحكمة بالغة وذكاء متناهي بعدم الطعن على الحكم رغم انه حق أصيل لهم باعتبارهم أغلبية في البرلمان ، حتى لا يظهروا أنهم أصحاب مصلحة ، ويضعون أنفسهم في مواجهة جديدة مع الشعب .
وباعتقادي أن هذه بداية حقيقة لعودة الزخم والثقة في التيار الإسلامي مرة أخرى لو أحسن البناء على هذا الموقف وعدنا إلى نقطة البداية بإعلان دستور جديد من المجلس العسكري لا تعترض عليه هذه القوى يحدد فيه كيفية اختيار اللجنة ومعاير الاختيار وان يبادر التيار الإسلامي بعدم ترشيح أحدا من مجلسي الشعب والشورى ، لأنهم ببساطة يتحكمون في اختيار القادمون من خارج البرلمان ..
أظن و أتخيل انه بإمكان قادة هذا الفصيل الهام من النسيج الوطني أن يبادر علنا بمخاطبة الشعب المصري ويقول : نعتقد أن رصيدنا لديكم يسمح بتجاوز بعض الأخطاء والهنات التي وقعنا فيها فنحن لسنا معصومين من الخطأ ، لكن لدينا من الشجاعة أن نعتذر ونعود عن الخطأ لنعود إلى الطريق المستقيم ، لنواصل المسيرة سويا جنبا إلى جنب ، فكلنا شركاء في هذا الوطن .
لست متيقن إن كان قادة التيار الإسلامي قادرين على أن يفعلوا ذلك ، لكني أتمنى ذلك ، فالوطن في حاجة إلى شركاء يكمل بعضهم البعض ، ويطمأن كل منهم إلى الآخر ، ولسنا في حاجة إلى حزب وطني جديد يمارس الإقصاء والتهميش حتى ولو كان باسم الدين ..
تحياتي
محمد صالح رجب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق