بين عشية وضحاها أضحى
نجما ، تستقبله وفود من الرئاسة والأزهر والأوقاف أيادي التكريم تتجاذبه ، يزهو
محافظ سوهاج كونه ابنا من أبناء المحافظة وتتبارى القنوات الفضائية في الاحتفاء به
، تستعد الرئاسة لتكريمه وكذا الأزهر الشريف ، إنه طالب الصيدلة عبد الرحيم راضي
الذي خدع الدولة المصرية بمؤسساتها ، وأوهم الجميع أنه حصل علي المركز الأول
عالميا في مسابقة حفظ وترتيل القرآن الكريم التي نظمتها " ماليزيا " .
سطور قليلة ـ كما
القصة القصيرة ـ تختصر قصة طالب الأزهر
واقعنا المصري الذي تتشابك فيه قضايا التهميش والتربية والتعليم الذي يفرز شابا
جامعيا أزهريا حافظا لكتاب الله يقدم على فعل مخالف ، فيحدث أثرا كبيرا .. تتلقفه
الدولة طمعا في انجاز ما يحسب لها في ظل شح الانجازات ، ويتخطفه الإعلام لملء
ساعات البث الشاغرة ، لينتقل عبد الرحيم ابن قرية أولاد خليفة بمحافظة سوهاج في
سويعات قليلة من عالم التهميش إلى عالم الأضواء والشهرة ويصبح بين عشية وضحاها
نجما ساطعا في سماء المحروسة ، قبل أن يهوي أرضا بفعل ذات الجهات التي رفعته
تمهيدا للتضحية به ..
غير أن التضحية به لن
تمحو الأثر الذي تركته في نفوسنا تلك الومضة العابرة الملتقطة من ثنايا الأحداث
الروتينية التي نعيشها على مدار الأيام والساعات ، و لن تمنعنا من التساؤل ليس فقط
حول قدرة الدولة على تغيير الواقع الذي أفرز مثل هذا السلوك ولكن أيضا حول قدرتها على
حمايتنا من خداع الدول المتربصة في ظل إخفاقها في كشف خداع بطل قصتنا ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق