الاثنين، 28 نوفمبر 2016

الجزيرة بين الإبهار والسقوط .. - محمد صالح رجب

الجزيرة بين الإبهار والسقوط .. " بقلم : محمد صالح رجب "
كنت شغوفا بالجزيرة مثل الكثيرين وكنت مبهورا بالبث المباشر والأداء والديكور والرأي والرأي الآخر ، كنت اكبت سؤالا يراودني من حين لآخر لماذا لا تتناول الجزيرة مشاكل قطر الداخلية أم إنها دولة بلا مشاكل ؟ وسرعان ما أعود لانبهاري وأنا أطالع الجزيرة وهي تسمح بإطلالة  مسئولين إسرائيليين على المشاهد العربي عبر شاشتها فيقفز سؤالا إلى ذهني : لم نر هذا المشهد من قبل ، مسئول  إسرائيلي كبير يبرر جرائم الكيان الصهيوني من على قناة عربية لدولة إسلامية تتبنى القضية الفلسطينية وتقدم نفسها على أنها راعية هذه القضية؟ لماذا؟ ، ويتوارى السؤال سريعا عندما لا أجد إجابة وأعود لانبهاري من جديد وأنا أتابع مذيعي الجزيرة في أفغانستان يلتقون قادة طالبان والقاعدة في كهوفهم وأتابع الشرائط والرسائل التي يختص بها بن لادن الجزيرة ليتوقف الانبهار لحظة أمام سؤال اطل برأسه : كيف تواصلوا معهم ومن أمَّنَهم وحماهم حتى وصلوا لأوكارهم ، ولماذا الجزيرة دون غيرها ؟ ثم يخبو السؤال أيضا عندما لا أجد إجابة ويعود الانبهار مرة أخرى وأنا أراهم في العراق في المقدمة ويزداد الانبهار سعة عندما سمعنا عن عدم رضا الأمريكان عن الجزيرة ليطل علينا محمد سعيد الصحاف ويقول قولته الشهيرة " أن الجزيرة تسوق للأمريكان "  لتزداد رقعة الأسئلة وتتعمق وتأخذ وقتا طويلا على حساب الانبهار : لماذا تفعل الجزيرة وقطر ذلك ؟ لمصلحة مَن انهيار العراق ؟ انهيار العراق سيخل بالتوازن مع إيران وستدفع دول الخليج والمنطقة ثمنه !!
تتشابك الأسئلة معا لتشكل غمامة سوداء تتسع رويدا على حساب الانبهار ليأتي الربيع العربي من تونس الخضراء وتتردد عبارة " هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية " ليحفظها القاصي والداني من خلال الجزيرة التي تستميت من أجل تكرار ذلك المشهد في مصر وتسخر كل الإمكانات لذلك ، عدد هائل من المراسلين المؤقتين ، وساعات بث متواصلة عبر قناة أنشأت خصيصا لمصر ، تبث من كل مكان في مصر وتعرض لمشاهد لا نعرف من أين لها بها ، واصلنا الانبهار من قدرتها على اختراق الساحة المصرية في هذا التوقيت وبهذا الشكل لكن الانبهار يزداد تآكلا أمام مساحة الشك والقلق التي انتابت المصريين من نوايا هذه القناة تجاه بلادهم ..
تنحى مبارك وكأن فرحا في قطر وجزيرتها وازداد الناس قلقا رغم فرحتهم بالتغيير لتزداد الجزيرة تدخلا في الشأن المصري ويتقدم الأخوان صدارة المشهد و يختفي الانبهار تماما أمام المؤامرة التي بدت تتضح للمصريين من خلال تغلغل قطر في الشأن المصري وبعد أن بدا للجميع أن القرار المصري بات يخرج من الدوحة وليس من القاهرة ، الأمر الذي جرح كبرياء المصريين الذين لا يملكون مالا لكنهم يملكون الكرامة التي هي كل رأس مالهم ، فانتفضوا لكرامتهم وصبوا جم غضبهم على الإخوان والجزيرة ، لقد اسقط المصريون وإلى الأبد جزيرة الشيطان ، ولا أقول فقد القطريون سلاحهم الأهم على يد المصريين ولكن أقول فقد الصهاينة ومَن خلفهم أحد أهم أدواتهم في المنطقة .. قطر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق