الجمعة، 9 نوفمبر 2012

سيدي الرئيس .. " بقلم : محمد صالح رجب "

سيدي الرئيس .. " بقلم : محمد صالح رجب "
بحق .. نحن في فتنة ولا دليل على ذلك أكثر من انقسام العائلة الواحدة بين مؤيد للسيد الرئيس ومعارض له ، وما يحدث على مستوى الأسرة الصغيرة يحدث على مستوى المجتمع ككل والذي انقسم بدوره بين مؤيد للرئيس مرسي وبين معارض له يرى انه لم يوحد المصريين ولم يقدم لهم رؤية واضحة تليق بحجم ومكانة مصر وتطلعات شعبها لا سيما بعد ثورة كبيرة أطاحت بنظام فاسد .
هؤلاء المعارضون يتساءلون : من يا سيادة الرئيس قادر على إعادة لم شمل الأسرة ؟ من بيده إعادة اللحمة إلى الأسرة المصرية وبالتالي لم شمل المجتمع ؟ ويرددون : إن الديمقراطية التي أتت بكم ـ سيدي الرئيس ـ هي قبول الأخر ، لكننا نرى منذ توليكم تشويها للآخر ، كل رأي معارض يشوه ، عن قصد أو عن قصد ، فلا يمكن تشويه كل تلك القوى والحركات إلا أن يكون عن قصد ، هذا فلول لأنه تعامل بدرجة أو أخرى مع النظام السابق ، هذا ليبرالي لا مانع عنده أن تمثل ابنته أدوار الأغراء ، هذا علماني يسمح أن تقبل ابنته وتصادق الرجال قبل الزواج ، وهذه تدعو إلى انقسام الدولة والتدخل الأجنبي ، وهذا لا يريد تطبيق الشريعة .. وهذا وهذه وهؤلاء ..
سيدي الرئيس لقد قسم مناصروك وتحت سمعك وبصرك  قسموا المجتمع قسمة غير عادلة فقد وضعوا التيار المعارض لكم في مواجهة الله سبحانه وتعالى ، حتى أنها تقال بملء إلفيه وقد سمعتها شخصيا على لسان بعض مؤيدكم قال احدهم في احد البرامج لمحاوره الليبرالي ، انت خصومتك ليست معي ، أن تعادي الله ، هذا لمجرد اختلافه معه في أمور سياسية ، لماذا هذا الإرهاب والتخويف ، والتشكيك في وطنية وإسلام الآخرين ، ألا يعلم هؤلاء ما تعلمه أنت ـ سيدي الرئيس ـ  وما أعلمه أنا ويعلمه غيرنا الكثيرون أننا جميعا في مركب واحد اسمه مصر إن غرقت لن ينجوا احد .. لذا اسمح لي سيادتكم أن أقول لكم وبكل ثقة أنتم وحدكم  بيده إعادة اللحمة إلى الأسرة المصرية وبالتالي لم شمل المجتمع .
سيدي الرئيس .. نريد رؤية يلتف حولها المجتمع بدرجة أو بأخرى هذه الرؤية تجيب على التساؤل : إلى أين تتجه مصر ؟
وأول خطوة في ذلك الاتجاه جمعية تأسيسية متوافق عليها ، تضع دستورا لكل المصريين ، يعرف كل مصري من خلاله ما له وما عليه ، لا نريد التغرير مرة أخرى بالمواطن المصري البسيط وترهيبه بالجنة والنار فهذه سياسة  كما تعلم سيدي الرئيس .
الأمر الأخر سيدي الرئيس هو التركيز على الظهور في أماكن الإنتاج ، اقترح عليكم هذا الأسبوع زيارة شركة غزل المحلة ، والنزول إلى العمال والشد على أيديهم ، والربت على أكتافهم ، أناشدكم أن تتجه في الأسبوع التالي إلى زيارة موقع إنتاجي أو خدمي آخر يمس ذوي الدخل المحدود وما أكثرهم في مصر ، لتقف على مشاكلهم وتعطي رسالة لمن بيده الأمر وآخرون أنك مع هؤلاء المعدمين المحرومين ..
 نريد أن يعرف الشعب وجه الدولة في النظام الاقتصادي ، هل سنعتمد اقتصاد السوق أو ما يعرف بالنظام الرأسمالي أم ستطلق الدولة يدها تتدخل كما تشاء وعلى نطاق أوسع بداعي حماية محدودي الدخل ، هل ستظل البنوك التي يطلق عليها البنوك الربوية أم ستعمم البنوك الإسلامية  هل الاقتصاد الإسلامي هو وجهة الدولة في الفترة القادمة ؟
كلها أسئلة هامة تحتاج على إجابات واضحة لأنها ستحدد وجهة وملامح الدولة المصرية في الفترة القادمة ؟ .. الم اقل سيدي الرئيس انك وحدك القادر على لم شمل المجتمع ! .
إن استطعت أن نفعل ذلك ـ سيدي الرئيس ـ سيعرف كل فرد واجبه ، ويتفانى في عمله ، ستتخلى جهات عدة داخل الدولة لم تحسم أمرها بعد، ستتخلى عن حذرها وستؤدي مهامها بكفاءة عالية ، وعلى رأس تلك المؤسسات الجيش والشرطة والقضاء  وغيرها ، وسوف تعطي رسالة مطمئنة للجهات الخارجية في نواحي عدة  مثل المستثمرين والسائحين والجهات الدولية المانحة ، وستطمئن المجتمع الدولي حول ثبات السياسة المصرية واحترام تعهداتها ..
نحن بانتظار جهدكم المركز لوضع رؤية مستقبلية واضحة لمصر من اجل لم الشمل وتوحيد الجهود باتجاه هدف واحد اسمه مصلحة مصر .. 
محمد صالح رجب

الأربعاء، 4 يوليو 2012

السبت، 5 مايو 2012

أحلام ممنوعة إصدار جديد للقاص : محمد صالح رجب

صدر مؤخرا ضمن سلسلة أدب الجماهير المجموعة القصصية الثانية  للقاص المصري : محمد صالح رجب  والتي حملت عنوان " أحلام ممنوعة "

السيناريو المرعب في الحالة المصرية ( بقلم : محمد صالح رجب )




السيناريو المرعب في الحالة المصرية ( بقلم : محمد صالح رجب )
لعل حالة القلق والخوف الشديد التي تنتاب المواطن المصري البسيط ليست وصول التيار الإسلامي بحد ذاته إلى سدة الحكم في مصر ، لكن منبع القلق هو أن نصل  بمصر إلى السيناريو الأسوأ وهو النماذج الأفغاني .. فقد اتفق الأفغان فيما بينهم على هدف واحد اجتمعوا عليه وهو طرد السوفيت من البلاد ، وقد حدث لهم ما أرادوا وعقب خروج السوفيت تنازع أمراء الحرب في أفغانستان بغية الوصول إلى سدة الحكم ، و دارت حرب ضروس بين هؤلاء الأمراء رغم أن كل منهم يتحدث باسم الدين ، كل منهم ينظر إلى شرع الله من وجهة نظره ، ويعتقد اعتقادا جازما انه على صواب و الآخرون مخطئون ، ومن الواجب شرعا أن يجاهد ويقاتل من اجل الحصول على المنصب لتطبيق شرع الله كما يراه وكما يفسره ، فالجهاد فرض عين عليهم للوصول إلى سدة الحكم مهما وقع من خسائر فكله في سبيل الله ، الضحايا شهداء مآلهم إلى الجنة ، والخراب والدمار وتفتيت البلاد هو من اجل  الله وفي سبيل تطبيق شرع الله . إلى أن وصل الحال بأفغانستان إلى الحالة التي هي عليه الآن .
هذا السيناريو يرعب  العديد من طوائف المجتمع المصري رغم أن البعض يعتبر هذا السيناريو بعيدا كل البعد عن التطبيق في مصر ، فمصر ليست أفغانستان وأمراء الحرب في أفغانستان ليسوا هم إسلاميو مصر ..
لكن المتتبع للحالة المصرية سوف يجد أنها لا تختلف كثيرا عن الحالة الأفغانية ، فقد اجتمع المصريون جميعهم على التخلص من نظام مبارك ، وقد تحقق لهم ما أرادوا ، وما هي إلا أياما معدودات حتى تفرق أمراء مصر " إن جاز التعبير " ، كل راح يجاهد من اجل الوصول إلى سدة الحكم ، للنهوض بالبلاد وإقامة المشروع الإسلامي وفق فهمه ، فالحكم ليس الغاية إنما هو ابتلاء وتكليف  لإرضاء الله عز وجل   مستخدمين المساجد والآيات والأحاديث  ، وقسم المجتمع إلى حزب الله الذي هم حماة الدين  والساعون لتطبيق شرع الله وإعلاء كلمة الله ـ من وجهة نظرهم طبعا ـ وبين باقي المجتمع العلماني الذي لا يريد خيرا بمصر ، ثم في مرحلة تالية وفي تطور سريع في ظل الرمال المتحركة في المشهد المصري ، اختلف إسلاميو مصر ، وانقسموا وخرج الانقسام من السر إلى العلن،  ففي حين ترى جماعة الإخوان المسلمين وهي صاحبة الباع الطويل في العمل التنظيمي والسياسي ، انه يجب التعامل مع الاختلافات على أنها سياسية ، وان  وسيلتها في تحقيق أهدافها سلمية من خلال الحشد الجماهيري المسالم ، كما أن المكاسب التي حققتها على الأرض تجعلها تنادي بالاستقرار والهدوء مع التلويح  بإمكاناتها العالية في الحشد من آن لآخر ،  نجد أن  جماعات أخرى  مثل أنصار حازم أبو إسماعيل على سبيل المثال و المحسوب على التيار السلفي قد توجس العديد من  المصريين خيفة من الإشارات المتوالية التي تفيد بإمكانية استخدامهم للتصعيد والصدام وسيلة للوصول إلى أهدافهم ولا ندري إلى أي مدى سيكون التصعيد .
ورغم أن الشيخ حازم أبو إسماعيل محسوب على التيار السلفي وان كانت جذوره اخوانية فقد انقسم السلفيون على موقفه التصعيدي حتى أن نادر بكار المتحدث باسم حزب النور السلفي انتقد هذا الوضع علنا على شاشات الفضائيات ، وعقب ذلك ترددت أنباء أفادت بأنه تلقى تهديدات بسبب موقفه هذا ،
كما تلقى بعض العاملون في الفضائيات تهديدات من جهات بعينها وتم تحطيم سيارة قناة الحياة في ميدان التحرير من أنصار احد قادة التيار السلفي ..
كما أن المصادر المختلفة تشير أن ثلاثة الآلف من مجاهدي مصر الذين حاربوا في أفغانستان قد عادوا  إلى مصر بعد الثورة محملين بأفكار بعينها ،
في ظل هذا الانقسام الحاد داخل المجتمع المصري بين إسلاميين وليبراليين ، وفي ظل الانقسام الذي بدأ يظهر وسيظهر أكثر إن آجلا أو عاجلا بين التيارات الإسلامية نفسها فكل منهم له تفسيره ورؤيته لتطبيق شرع  الله والتي تختلف بالقطع عن باقي التيارات وإلا لانضموا جميعا تحت راية واحدة ، أرى أن السيناريو الأفغاني ليس ببعيد عن الحالة المصرية لو استمر هذا الاستقطاب والتصعيد بعيدا عن البحث عن نقاط تلاقي تحفظ للدولة وحدتها وتجنب البلاد الفوضى والانزلاق إلى صراعات مسلحة وذلك  من خلال  دستور لكل المصريين يراعى حقوق الجميع ويحترم الجميع مواده ، وتطبق أحكام القانون على الجميع على حد سواء .
تحياتي
محمد صالح رجب

الجمعة، 13 أبريل 2012

عودا على بدء .. ( بقلم : محمد صالح رجب )

عودا على بدء .. ( بقلم : محمد صالح رجب )
لاشك أن المتابع المحايد للساحة السياسية المصرية ، يستشف تراجع المد لتيار الإسلام السياسي ، وانخفاض الزخم والوهج الذي بدأ به عقب الثورة المصرية في 25 يناير 2011 م ، نتيجة لأخطاء ارتكبها بعض رموز هذا التيار ، وفي ظل تربص مسبق لأعداء هذا التيار والفشل الذر يع في بعث رسالة طمأنة لشريحة كبيرة من المصريين كانوا في مسيس الحاجة إليها مفادها أن المصلحة العامة هي الهدف والمبتغى ،  ومصر هي أسمى وأعلى من أي حزب أو جماعة ..
وباعتقادي أن قطاعا كبيرا المصريين وصلوا إلى هذه القناعة عقب إعلان أسماء اللجنة التأسيسية للدستور ، والإصرار على السير قدما في أعمال هذه اللجنة رغم الانسحابات المتتالية لرموز القوى الوطنية والمؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر الشريف والكنيسة المصرية .. فبدا للعيان أن أنصار هذا التيار إنما جل همهم الحصول على أقصى مكاسب ممكنه تحت أي ظرف وبأي ثمن حتى ولو كان على حساب التوافق الوطني ،  فأهدروا بذلك  فرصة ثمينة  ليثبت فيها أنصار هذا التيار أن أقواله تتسق مع أفعاله ..
وجاء حكم المحكمة الإدارية بإيقاف أعمال اللجنة التأسيسية للدستور كطوق نجاة لأنصار هذا التيار ، وقد تلقف قادته هذا الحكم بحكمة بالغة وذكاء متناهي بعدم الطعن على الحكم رغم انه حق أصيل لهم باعتبارهم أغلبية في البرلمان ، حتى لا يظهروا أنهم أصحاب مصلحة ، ويضعون أنفسهم في مواجهة جديدة مع الشعب .
وباعتقادي أن هذه بداية حقيقة لعودة الزخم والثقة في التيار الإسلامي مرة أخرى  لو أحسن البناء على هذا الموقف وعدنا إلى نقطة البداية بإعلان دستور جديد من المجلس العسكري لا تعترض عليه هذه القوى  يحدد  فيه كيفية اختيار اللجنة ومعاير الاختيار وان يبادر التيار الإسلامي بعدم ترشيح أحدا من مجلسي الشعب والشورى ، لأنهم ببساطة يتحكمون في اختيار القادمون من خارج البرلمان ..
أظن  و أتخيل انه بإمكان قادة هذا الفصيل الهام من النسيج الوطني أن يبادر علنا  بمخاطبة الشعب المصري  ويقول : نعتقد أن رصيدنا لديكم يسمح بتجاوز بعض الأخطاء والهنات التي وقعنا فيها فنحن لسنا معصومين من الخطأ ، لكن لدينا من الشجاعة أن نعتذر ونعود عن الخطأ لنعود إلى الطريق المستقيم ، لنواصل المسيرة سويا جنبا إلى جنب ، فكلنا شركاء في هذا الوطن  .
لست متيقن إن كان قادة التيار الإسلامي قادرين على  أن يفعلوا ذلك ، لكني أتمنى ذلك ، فالوطن في حاجة إلى شركاء يكمل بعضهم البعض ، ويطمأن كل منهم إلى الآخر ، ولسنا في حاجة إلى حزب وطني جديد يمارس الإقصاء والتهميش  حتى ولو كان باسم الدين  ..
تحياتي
محمد صالح رجب

السبت، 7 أبريل 2012

(اللا منطق في انتخابات الرئاسة المصرية بقلم : محمد صالح رجب )

عندما تعلن جهة ما عن شغل وظيفة شاغرة لديها ، يحدد في الإعلان ، متطلبات هذه الوظيفة مثل السن والمؤهل والمهارات ، ثم يخضع المتقدمون للوظيفة ممن تتوافر فيهم هذه المتطلبات لكشف هيئة ، و كشف صحي ..
وفي مصر أعلنت الجهات المختصة عن وظيفة شاغرة ، وهي وظيفة رئيس الجمهورية ،ولم تحدد لنا المواصفات المطلوبة لهذه الوظيفة ، من ناحية السن والمؤهل والخبرات والمهارات والقدرات المختلفة ، وألقت بالكرة في ملعب الشعب واعتبرت  أن الشعب بما يملكه من تعليم وفطنة هو الذي سيقوم بكشف الهيئة ، للمتقدمين لشغل هذا المنصب  من خلال اختياره المرشح  القادر على تحقيق أماله وتطلعاته .
ولأن معدل البطالة كبيرة في مصر ، فقد تقدم العديد من المرشحين دون أن يعرف أي منهم متطلبات ومهام  الوظيفة  المتقدم لشغلها ،  فتقدم السائق ، والميكانيكي ، والحانوتي ، والدكتور والشيخ ..   تقدم الشاب والطاعن في العمر ، الصحيح والمريض ..و لم يشغل بال أي منهم  إن كان سيصبح رئيسا يمارس سلطات الرئيس كاملة في حال إذا ما حدد الدستور المزمع وضعه نظاما رئاسيا للحكم في مصر ، أم سيكون  ديكورا ، يحضر المناسبات ويستقبل الضيوف والسفراء ، في حال إذا ما قرر الدستور نظاما برلمانيا للحكم  ، كل ما شغل اهتمامه أن يحصل على فرصة العمل هذه  وبعدها يحلها ألف حلال ..
إن المرء يتساءل: كيف لناخب أن يثق في مرشح رئاسة كل همه الحصول على المنصب دون أن يعرف المطلوب منه ، انه كمن يوقع على بياض ، ومثل هؤلاء لا يمكن الثقة فيهم ولا يمكن لهم أن يحملوا الأمانة .
هذا ما يحدث الآن في دولة بحجم مصر قررت أن تضع العربة أمام الحصان  ثم تنتظر خيرا .. إن ما يحدث في انتخابات الرئاسة  ما هو إلا حلقة أخرى في مسلسل التخبط و اللا منطق الذي تشهده مصر منذ قيام الثورة التي لم نتذوق طعمها بعد ..

الاثنين، 12 مارس 2012

قراءة في قصة " السور " للراحل : خيري شلبي – محمد صالح رجب




قراءة في قصة " السور " للراحل : خيري شلبي  – محمد صالح رجب
هناك من النصوص ما تجبرك على قراءتها مرات ومرات طمعا في مزيد من المتعة ، إذا صادفت نصا كهذا وأحسست بالرضا والإشباع بعد قراءته ، وودت أن تقرأه مرات ومرات ،  فتأكد انك أمام نص مميز لكاتب مميز .. هذا ما حدث لي وأنا اقرأ نص " السور " من مجموعة عدل المسامير للراحل العظيم خيري شلبي .
القصة حملت عنوان " السٌّور " وهي كلمة " معرفة " ليست نكرة فلا مجال إذن للتأويل  ، السور إذن كما في النص هو حد فاصل لواقعين مختلفين أو لعالمين مختلفين داخل نسيج المجتمع ،  واقع يمثل الطبقة الفقيرة المحرومة والمقيدة داخل هذا السور ، والتي لا يُسمح لها بالخروج من هذا الإطار المحدد لها بالسور ، وإلا اعتبرت كسجين هارب وجب عقابه ، وواقع آخر يتمثل في  طبقة السطوة والقوة والغنى ، وهي المحصنة  تحصينا منيعا والذي لا يجب الاقتراب منها ،  ومن يفعل ذلك فقد ارتكب خطأ فادحا وجب عقابه بما يتناسب وجسامة الفعل .
في السور أيضا هناك حقيقة مفادها  أن القناعة كنز لا يفنى  لكن مادمت لم تر فارقا كبيرا لم انت عليه والآخرين ، فعليك أن تقنع بما داخل السور ، عليك أن تقنع بمدرستك وفنائها وحقيبتك  وحذائك المبرطش  ، ومريلتك المترهلة  الممزقة ،  ورائحتك الزنخة وشعرك المنكوش حتى مُدرسيك ومُدرساتك  بوجوههم المتهجمة المكشرة وصوتهم الخشن وأسلوب تعاملهم  معك ، عليك أن تقنع بمعتقداتك بما فيه المعتقد الذي يفيد بأن زمن التفاوت بين الطبقات قد ولى على غير رجعة بانتهاء زمن البشوات ، ولن ينظر إليك احد بعد ألان نظرة دونيه  ، وعليك أن تظل مقيدا معزولا  مبعدا عن رؤية غير ذلك حتى تظل قانعا ، سعيدا  بما انت عليه  ..
إن صادفتك الظروف ورأيت الطبقة الأخرى كصاحبنا وقد " شاط " الكرة بقوة فطارت إلى حوش المبنى المجاور ، فانهارت معتقداته وأصبحت القناعة ليست كنزكما كان يعتقد ، لقد اكتشف ـ على غير ما كان يعتقد  ـ  أنها مدرسة كمدرسته وبها تلاميذ كما في مدرسته.. لكن التلاميذ غير التلاميذ والمدرسة غير المدرسة والحوش غير الحوش  انه أشبه بالجنة أحواض وزهور وطرق واسعة منسقة وفي الوسط نافورة على شكل تمثال لامرأة جميلة تبخ الماء من فمها وأصابعها ورأسها، الأشجار تبدو كأن الحلاق نسق لها شعرها ، التلاميذ غير التلاميذ إنهم يشبهون الزهور كلهم بيض وحمر ، شكلهم جميل ، شعورهم مسبسبة لامعة ، ثيابهم جديدة ملونة بألوان زاهية مفرحة ، لا يصيحون ولا يتعاركون ، يقفون في مجموعات يتكلمون ويضحكون ، كلهم حلوين ويرطنون بكلام غير الذي نتكلم ..
فعلا القناعة كنز لا يفنى طالما لم تر مثل هذه الفوارق التي جعلت من هذا التلميذ  يتمرد على حاله ويثور على وضعه القائم ويتساءل بعد أن رأى هذه المناظر : " هل يعقل أن الله الذي خلق عيال مدرستنا هو الذي خلقهم أيضا  ؟! " بل انه القي باللوم على أبيه الذي لم يأت به إلى هذه المدرسة  .. وبما انه على يقين من حب  أبيه ، فلا بد أن السبب الذي جعل أبيه لا يأت به  إلى هذه المدرسة هو انه لم يكن يعلم بها ، أما وقد علم هو بها فليتخذها مدرسة له ..
انه سوف يعامل كما رآهم يعاملوا .. ولن يعامل  بعد الآن كفأر أو ثعبان  ولن يَنظُر أحد إليه باشمئزاز ، ألسنا سواسية ؟ أليس الله الذي خلقهم هو نفسه الذي خلقنا ؟
إن الأمر على غير ما اعتقد ، لقد تجرأ على النط من فوق السور  وتمرد على الخنوع والحرمان ، لقد تجرئ على إلغاء الحاجز وخرج من  النطاق المحدد له والمحاط بسياج منيع  ، وهذا أمر لا يصدقه عقل " حَقه كله إلا نط السور ! ده اللي كان ناقص "  لقد أتى بكبيرة من الكبائر إنها " عمله سوده " إنها " قلة تربية " يجب أن يعاقب على قدر جسامة الفعل ، ويجب أن يعاد تربيتهم من جديد على الخنوع والحرمان وعدم إزالة أو التفكير في إزالة هذه الفوارق " العيال دي لازم تتربى من جديد" حقه كله إلا نط السور ! .
إن قصة " السور " هي رؤية الكاتب لمشكلة الظلم الاجتماعي والتفاوت الطبقي ، بين أفراد المجتمع ، إنها طرق لضمائرنا ورسالة إلى كل من يهمه الأمر بأن غياب العدالة الاجتماعية مشكلة باتت تنخر في المجتمع حتى باتت جزءا من ثقافتنا ومعتقداتنا نُربي أبناءنا عليه  ..
لقد وفق الكاتب في اختيار شخوصه ، بداية من الشخصية الرئيسية حيث اختار هذا السن الصغير حيث  التعليم في الصغر كالنقش في الحجر ، وكأني بالكاتب يريد أن يقول أن  هذه التفرقة وهذا الظلم لاجتماعي نُربي عليه منذ الصغر في هذا السن المبكرة وينشأ معنا حتى يصبح معتقدا الخروج عليه  قلة أدب  وعملة سوده تستوجب العقاب  ..
و إذا كان التضاد في اللغة يظهر المعني ويقويه ، فالتضاد في الصورة أكثر أثرا ، إنه يلهب القلوب أسى وحزنا لهذا التفاوت ، و هذه الفوارق الفظة التي رسم الكاتب أدق تفاصيلها  ببراعة وتَمكن في لوحة واحدة من الجمع بين صورتين مختلفتين لواقعين متقابلين احدهما يمثل الفقر والخنوع والحرمان ، والآخر يمثل الغنى  والسطوة، ورغم الإغراق في وصف الواقعين كما يراه الراوي إلا أن ذلك لم يشعرنا للحظة بالملل بل زاد من وضوح  وتمام الصورة  .
لقد برع الكاتب في التعبير عن فكرته بأسلوب سلس ولغة بسيطة  تتناسب مفرداتها مع قضية تهم المجتمع بأثره والذي يغلب عليه ألأمية ، وتتناسب مع شخصية الراوي الذي لا يتجاوز عمره بضع سنوات والذي منحه الكاتب الفرصة للقيام بوظيفته الفنية وأعطاه حرية أكبر في التعبير عم يراه وما يختلج بداخله مستخدما ضمير المتكلم  ، تارة يتحدث بصيغة المفرد ، وأخرى بصيغة الجمع في المواضيع التي تجمعه بأفراد المستوى نفسه  .
إننا أمام نص مترابط ومتماسك استطاع الكاتب أن يسير به في تناغم تام بين عناصره المختلفة  في مجرى محدد المعالم مرسوم بعناية باتجاه هدفه مستخدما " مبدأ السببية " فكل فعل له ما يبرره ، تسلق السور ليحضر الكرة التي نطت إلى هناك ، هو وليس غيره من تسلق السور ، لأنه هو من شاط الكرة ، جلس في الفصل مع التلاميذ لأنهم مثله ،  فالله الذي خلقهم هو نفسه خالقه ، استغربت " الميس " لوجوده لأنه ليس كباقي التلاميذ ، ذهب لمدرس الألعاب لأنه مصدر العقاب في المدرسة ، عاد إلى أبيه ، لأنه مصدر التربية التي هي أصل الموضوع فهو لم يحسن تربيته ، عليه ـ إذن ـ أن يعيد تربيته من جديد.
لا يمكن لعين تقرأ هذا النص أن تمر دون أن تقف أمام قدرة الكاتب الإبداعية وهو يعرض الحدث ، وما ترتب عليه بشكل تنازلي وكأننا نعود إلى ضربة البداية أو إلى المربع صفر ، فبعد الحدث وهو " تسلق السور لإحضار الكرة التي هبطت إلى مبنى مجاور ، في إشارة إلى إذابة الفوارق بين الطبقات الاجتماعية واختراق الممنوع  ، جاء رد الفعل الأول  من المستوى الأعلى وهو رد فعل المدرسة التي كان يظن أنها سوف تنصفه باعتبار أن الله الذي خلقهم هو نفسه الذي خلقه  فهم سواسية كما اعتقد ، غير أنها لم تنصفه ، ذهب إلى المستوى التالي لعله ينصفه  وهي المدرسة التي ينتمي إليها لكنها لم تفعل هي الأخرى  ، لم يعد له إلا أهله ومن اقرب إليه من أبيه الذي رباه لكنه لم ينصفه هو الأخر ، بل أن  ما أظهره من غضب ودهشة يرسخان الانطباع بتأصل هذا الفكر داخل المجتمع ، وتظهر مدى الجرم الذي يرتكبه من يخرج على هذا الفكر  .
من ينصفه إذا؟  المجتمع كله يسلم بالوضع القائم ؟! إنها ثقافة سائدة ومنظومة قائمة يصعب تغيرها .
وتصل السفينة إلى محطة الوصول وفي لحظة التنوير يختتم الكاتب النص بعبارة غاية في الإثارة " وأبي ينظر لي في غيظ ودهشة قائلا : تستاهل أصل أنا ما عرفتش أربيك " وفي اعتقادي أن الخاتمة تعيدنا إلى المربع صفر و إلى ضربة البداية حيث التربية  وهي الأساس  ، لكن السؤال : من الذي يجب أن يربى وعلام يربى ؟ سؤال ينتزعه الكاتب من القارئ  دون أن ينطق به  ، كما يستنطقه  بالإجابة : يجب أن يعاد تربية وتأهيل المجتمع على ثقافة المساواة ، وإذابة الفوارق بين أفراده ..
وأخيرا أقف أمام عنصر الزمن في القصة ، أحاول أن أقف على زمن الحدث تحديدا يتفلت من بين يدي  
في مساحة زمنية مقدرة بسنة بدايتها عام مضى وانتهاء بزمن السرد ( الحاضر ) لكن المؤكد ،  أن الكاتب ابتعد بزمن الحدث عن نقطة البداية بوقت ليس بالقصير ، فلن تستطيع "الشخصية الرئيسة " أن تتعود على الاستيقاظ وحدها مبكرا ، ولبس المريلة وحدها والمشي في الحواري والذهاب إلى المدرسة وحدها إلا بعد مرور وقت ليس بالقصير ، وفي اعتقادي أن الكاتب أراد أن يعط فرصة أكبر لنمو الشخصية من خلال منحها الوقت الكافي حتى تتمكن من أداء وظيفتها على أكمل وجه . فالزمن بين دخوله المدرسة  وحتى وقوع الحدث لاشك أن هذا الزمن قد  اكسب هذه الشخصية  مشاهدات وخبرات ،  إضافة للنمو العقلي والجسدي مما جعلها مؤهلة لأداء وظيفتها  بكفاءة  عالية .
وأنا اقرأ هذا النص كأني بالكاتب قد سبق زمانه وهو يتنبأ بثورة على الظلم الاجتماعي وكأنه كان يرى شباب التحرير وهم يثورون على الظلم الاجتماعي ويطالبون بالعدالة الاجتماعية ، إنها  جودة الفكرة التي تمس مشاكل وأوجاع الناس وهي ما تميز نص عن نص ، فالنص يبق طويلا في الذاكرة بقدر ما ارتبط بأوجاع وألام الناس وبقدر ما  يخدم الإنسان وتطوره .
هذا مما أفاض الله عليّ في قراءاتي لنص " السور " من مجموعة عدل المسامير للراحل الكاتب الكبير خيري شلبي ، قد تختلف معي في قراءة النص ، لكن المؤكد انك لن تختلف معي على تميز النص وكاتبه .. تحياتي
محمد صالح رجب
" قاص مصري "

الخميس، 8 مارس 2012

هم العدو فاحذرهم ..(بقلم : محمد صالح رجب )


هم العدو ..(بقلم : محمد صالح رجب )
بداية نحترم كل الناس وأنا شخصيا من دعاة الحوار الهادئ العاقل لأن صاحب الصوت العالي ذو حجة ضعيفة في غالب الأحيان ،
الأستاذ المحترم مجدي الجلاد شأنه شأن آخرون وما أكثرهم في مصرنا الآن ، يتلونون كما الحرباء ، وربما هذا بحد ذاته ليس عيبا فتغير لون الحرباء هي احد أدواتها لحماية نفسها ومن مصادر قوتها ، فلا يعنينا إن كان احد رجالات النظام السابق أم لا ؟ كما لا يعنينا إن كان يؤيد جمال مبارك لحكم مصر لكونه شاب طموح يمتلك أدوات العصر ووضع العديد من السياسات الاقتصادية  في خدمة مصر ، كما لا يعنينا أن كان حصل على فلل أو شقق من السيد / طلعت مصطفى ومجموعته أم لا  ، كل هذا لا يعنينا ،  فهو توجهه وشأنه الخاص ، لكن ما نحن بصدده هو الكذب ، قد أتفهم ـ لكن لا أقر ـ  موقف الفنان احمد زكي رحمة الله عليه وهو يتهرب من فقره  ويكذب وعندما يواجه فيرد ، " أنا لا أكذب ولكني أتجمل " ، لكن لا أتفهم السيد / مجدي الجلاد وهو يطالعنا على شاشات التلفاز يتحدث تارة عن الشرف ومحاربة الرشوة  وأخرى عن الفقر، رأيته مرة وهو ينأى بنفسه عن الفساد ويقول أن أخته "المسكينة يا عيني " قدمت على شقة مثلها مثل باقي المواطنين ولم يتدخل هو لحصول أخته على هذه الشقة .
رأيته يتحدث عن الحد الأدنى والأعلى للأجور ويدافع بضراوة عن ضرورة وضع حد أعلى للأجور للقضاء على هذا التفاوت وتضيق الفجوة بين طبقات الشعب ضمانا للاستقرار و السلم الاجتماعي .
الآن عدة مصادر تؤكد أن الراتب الجديد  للسيد / الجلاد بعد ترك المصري اليوم هو( 200000 ) مائتي ألف جنيه شهريا ، اكرر مائتي ألف جنيه يا سادة ناهيك عن أمور أخرى هنا أو هناك ثم يتحدث عن شقة لأخته للإسكان الشعبي ويتحدث باسم  الفقراء وحد أعلى للأجور .. الخ .
ألا تستحي هذه الوجوه وهي تطالعنا يوميا تحدثنا عن الشرف والنزاهة ، وعن الدفاع عن حقوق الفقراء لأنهم منهم ، إن المرء ليشعر بالغثيان وهو يرى وجوها تقول ما لا تعمل وتحمد بما لا تفعل ..

السيد / الجلاد شأنه شأن الكثيرين الذي هم اشد خطرا من الحرباء والذين ابتلى الله بهم مصر ، ستجدهم في الأعلام ، في الشارع،و في العمل ، يلبسون مثلك ويتحدثون بلسانك ويتاجرون بك وبقضاياك ، هم العدو فاحذرهم ..
محمد صالح رجب

الاثنين، 27 فبراير 2012

 
اتوق لأن ارى كيف تتعامل مصر الجديدة مع أولادها في الداخل والخارج ،حين تعترف الدولة رسميا ان المولى عز وجل قد كرم الانسان بعيدا عن اللون والجنس واللغة ، وأن له حقوقا اساسية تمثل الحد الأدني لحياة ادمية كريمة ، عندها نستطيع ان نقول ان المصري يكرم في بلده ،ولا ريب ان احترام الأخرين لنا ينبع من احترامنا لأنفسنا ، فماذا تنتظرمن الآخرين تجاه مواطني دولة تهين شعبها ؟

الخميس، 23 فبراير 2012

أوراق مصرية ( من يوميات الثورة المصرية ) بقلم : محمد صالح رجب


أوراق مصرية  ( من يوميات الثورة المصرية ) بقلم : محمد صالح رجب
تمر مصر والمنطقة بلحظة تاريخية تستحق التوثيق الآني دون الانتظار وقبيل أن تستقر الأمور ويبدأ تزوير التاريخ  لمن يجلس على مقاعد الحكم  أيا من كان، فقد علمتنا التجارب السابقة أن  من يكتب التاريخ هو المنتصر من خلال أقلام تخلده تمجده  وأفعاله ، وفي محاولة لتفويت الفرصة على هؤلاء وقبل أن يعلن المنتصر نحاول من خلال جهد متواضع وأمين قدر المستطاع  يبتغى به وجه الله أولا وأخيرا نحاول رصد الأحداث لحظة بلحظة وردة الفعل المحلية والدولية تجاهها والمخاوف والآمال والطموحات من خلال " يوميات مصرية ".
( محمد صالح رجب )
السبت 19/11/2011
كنت أشعر أنه لا بد أن يحدث شيئا ما عقب مليونية الأمس الجمة الموافق 18-11-2011 والتي دعت إليها ونظمتها الكتل المعارضة لوثيقة المبادئ الدستورية التي قدمها مجلس الوزراء والمعروفة " بوثيقة السلمي " نسبة إلى الدكتور علي السلمي نائب رئيس مجلس للوزراء للانتقال الديمقراطي ..وعلى رأس هذه الكتل التيارات الدينية متمثلة في جماعة الإخوان المسلمين ، والتيار السلفي ..
ولقد بدا واضحا للعيان أن هذه المليونية إنما هي مجرد استعراض للقوة من جانب هذه التيارات ورسالة مقدمة إلى من يهمه الأمر سواء في الداخل  متمثل في  المجلس العسكري و الأحزاب الأخرى  أو للخارج  للدول صاحبة ألأجندات في مصر مفادها أننا هنا وبقوة وأننا وحدنا القادرون على الحشد في أي زمان ومكان .
ولا تفسير آخر لتلك المليونية لا سيما أننا على أعتاب انتخابات برلمانية لا يبعدنا عنها سوى أيام معدودات ، وأن  الوثيقة المثار حولها الجدل هي مجرد مسودة قابلة للتعديل وهي تجميع لمسودات عديدة سابقة حتى لا يشاع الأمر وتتعدد المرجعيات ،  وهي بالأساس  ـ أي الوثيقة ـ استرشادية ليست ملزمة ، كما أن مجلس الوزراء عرض في اجتماعه أمس الأول مع ممثلين عن تلك الكتل المعارضة للوثيقة تعديلها ،  والأمر مجرد وقت للتشاور مع باقي أطياف المجتمع ، إلا أن إصرار تلك الجماعات على نقل الحوار إلى  ميدان التحرير يدفع بالريبة  حول نوايا تلك الكتل والجماعات ، وإن بدا الأمر في ظاهره اعتراض على وثيقة السلمي لكن هدفه الأساسي هو استعراض لقوة تلك الكتل على الأرض .
ومما يدفع إلى الريبة  هو توقيت تلك الأحداث ، لقد بدا الاعتصام في ميدان التحرير كما لو كان ( جر شكل ) كما نقول في مصر ، وبدا الأمر مخططا له باتجاه الدفع نحو الاحتكاك بقوات الأمن أو الجيش لإحداث بلبلة وفوضى، والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح : لماذا في هذا التوقيت ونحن على مشارف استحقاق انتخابي هو البداية الفعلية للانتقال بمصر إلى مرحلة جديدة ناضل كثيرون من أجلها والبعض دفع حياته ثمنا لذلك  ؟
إن المراقب المحايد وهو يحاول  ربط الأحداث يبعضها ، يقفز إلى ذهنه هذا الهاجس في الربط بين توقيت  نشر نتائج التحقيق في مصادر تمويل العديد من تلك الجماعات والتي تثار الشبهات حولها والذي أعلنت العديد من الصحف أن الدولة ستنشر تلك النتائج خلال أيام وبين توقيت تلك الأحداث والاعتصامات ، هل إحداث الفوضى والبلبلة هو مخطط لخلط الأوراق و للتغطية على نتائج  تلك التحقيقات ؟!  الله اعلم   ..!!
كانت الملايين من المصريين  تأمل في أن تستثمر الكتل السياسية الثورة التي لم يكن لهم اليد الطولى فيها بل صنعها شعب بأسره قبل أن يمطوا هؤلاء ظهر الثورة معتقدين أن بإمكانهم أن يهمشوا الشعب من جديد ، إنهم لم يعوا الدرس جيدا ، ملايين المصريين في  القرى والنجوع ، وملايين البسطاء من العمال والحرفيين بعيدا عن الميادين تنظر وتترقب ما يحدث الآن ولن تسكت بعدما بدأ الكيل يفيض وهم يرون ثورتهم تخطف من بين أيديهم ، والكل يتحدث بهتانا وزورا باسم الشعب المصري  بغية تحقيق مصالح شخصية أو حزبية ضيقة الشعب منها براء .
 كنت أظن أن بإمكان تلك القوى أن تتجمع وتتلاق جميعا ـ  وأكرر جميعا وليس أغلبية ـ بسلسلة مطالب موحدة ومتفق عليها  موجه للمجلس العسكري .. لكن للأسف كل حاول أن يخطف أكبر قدر من الكعكة على حساب الآخرين . وانشغلوا بالغنائم قبل أن يكتمل النصر كما حدث في غزوة أحد عندما أهتم الرماة بالغنائم على حساب المصلحة العليا وكأننا لم نعي الدرس جيدا  . ولا يفهمون عن قصد أو دون قصد أن المجلس العسكري يحاول جاهدا أن يحقق مصالح الجميع  ويقف على مسافة واحدة من كل التيارات ، لكن البعض يحاول أن يضغط بكل ما أؤتي من قوة لتحقيق اكبر قدر من الغنائم معتدا على سلبية  الطرف الآخر وعدم نزوله هو الآخر إلى الشارع لتعضيد دور المجلس العسكري عند رعايته لحقوقهم  .
الأحد 20-11-2011
اليوم الأحد الموافق 20-11-2011ترقب وقلق يطغيان على المشهد المصري ،  الساعة تقترب من الخامسة مساء ونذر التصعيد تتوالى ، بدأ مسلسل القتل ، الأخبار تتواتر عن احتجاجات عنيفة في السويس والإسكندرية والمنصورة إضافة إلى ميدان التحرير بالطبع ، أنباء عن محاولات لاقتحام مركز شرطة الأربعين بالسويس وتناثر الشائعات عمن قتل شهيد السويس أمس الشائعات تتردد أن سيدة ترتدي معطفا فتحته وأخرجت مسدسا وأطلقت النار عليه ثم فرت ، ويقال أن الشرطة قبضت عليها ،
كثير من اللغط على شاشات الفضائيات المصرية والعربية ، وفي حين تحاول القنوات الرسمية المصرية التهدئة وتذكير المواطنين بملكيتهم لأقسام الشرطة والسيارات التي يحاولون إحراقها وأن مصر على مفترق طرق .. نرى على الفضائيات العربية مثل الجزيرة و بعض الفضائيات الخاصة المصرية تصعيدا وضيوف كأنهم يذيعون مباراة لكرة القدم .
ولازالت الحصيلة الرسمية حتى الآن ثلاثة قتلى أحدهم مات باختناق من جراء القنابل المسيلة للدموع وآخر قتل بقطع نافذ بآلة حادة . إضافة إلى ما يزيد عن سبعمائة وخمسون جريحا معظمهم أصابتهم خفيفة من جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع .
وعلى ذكر الغاز المسيل للدموع يتردد أن هذا الغاز مختلف عما استخدم في بداية الثورة .. اسمع البعض يردد أن قوته ضعف قوة القنابل القديمة بأربع مرات ، وأن تأثيره مضاعف على الأعصاب وأكثر تهيجا للأنسجة .
البعض الآخر ردد أن القنابل منتهية الصلاحية ، وفريق آخر لم ينسى الزج بإسرائيل وذكر انه مستورد من إسرائيل ، أيا كان فليس أمام وزارة الداخلية سوى استخدام الغاز حيث أن جنودها غير مسلحين كما نرى في الصور التي تتوارد إلينا ، وكما أكدت الوزارة .
لكن السؤال : بعض الأطباء يقولون أن هناك إصابات بطلق ناري ، من أين إذا كانت الداخلية تنفي استخدامه والمتظاهرين كما يرددون " سلمية سلمية "لم يطلقوا الرصاص ، من أطلق الرصاص إذن ؟! .
بيان رئيس الوزراء عصام شرف جاء مخيبا لآمال العديد من القوى السياسية بتأيده التام للداخلية في فرض القانون ، وكرثت المفهوم المتداول لدى العديد من قطاعات الشعب بضعف هذه الحكومة وعدم قدرتها على اتخاذ القرارات رغم أن د / عصام شرف نفسه جاء من رحم ميدان التحرير . ومع ذلك بات ينعت الآن بالفاشل والضعيف بل أكثر من ذلك يوصف بأنه من فلول النظام السابق ، وعضو سابق بالحزب الوطني المنحل الذي أفسد الحياة السياسية في مصر على نحو ما يقرب من ثلاثون سنة مضت ، وأيضا رددوا انه يحمل جنسية مزدوجة ألمانية مصرية .
جدير بالذكر هنا أن نشير إلى أن البورصة المصرية خسرت اليوم فقط 7 مليار جنيه ، اثر البيع العشوائي للأجانب .

الاثنين الموافق 21-11-2011
صباح جديد ومع اشراقة شمس يوم جديد بدا الموقف واضحا وبدا أننا نتجه نحو ثورة أخرى أو استكمال ثورة 25 يناير وذكر البعض أن موجات ثورية في الطريق  ، دلل على ذلك الزخم الذي امتد من ميدان التحرير إلى ميادين عدة  في مصر لا سيما الإسكندرية والسويس والمحلة وغيرها ،  ومن الصباح اجتمع مجلس الوزراء ساعات طويلة من النهار فاتحا الباب أمام تكهنات عدة تاركا المناوشات بين الشرطة والمتظاهرين مستمرة خاصة أمام شارع محمد محمود المؤدي إلى وزارة الداخلية ، والعجيب هذا الإصرار العجيب من هؤلاء الشباب على اقتحام وزارة الداخلية رمز كبرياء الشرطة وإصرار الداخلية على عدم ترك الوزارة تسقط هذه المرة فكان الصدام الحتمي الذي أوقع العديد من القتلى وأكثر من ألف جريح .
نشرت المواقع الالكترونية والنشطاء فيديوهات على شبكة الانترنت أثارت المتظاهرين لا سيما تلك التي ظهر في احدهم رجل شرطة يسحب متظاهرا مقتولا ويتركه إلى جوار الزبالة ، والفيديو الآخر يظهر ضابطا  سعيدا بإصابة متظاهر في عينيه .
ومن ابرز أحداث هذا اليوم :
-    إصابة 12 شخصا وضبط 19 آخرين أمام مدرية الإسكندرية ، والاعتداء على المديرية بمجرد  إطلاق سراح محتجزين من المتظاهرين استجابة لمطلب المتظاهرين .
-         إصابة قائد الأمن المركزي بالمنطقة المركزية  بطلقات خرطوش بشارع مصطفى محمود .
-         ضبط 3 أجانب أثناء مشاركتهم بإلقاء المولوتوف على وزارة الداخلية والذي امسك بهم متظاهر من التحرير .
-         مصر ترحل أمريكي يحرض المتظاهرين في التحرير على مهاجمة الأمن .
-         إصرار وزير الثقافة عل الاستقالة .
-         استقالة وزير الداخلية وذكرت  مصادر في الداخلية أن الاستقالة ليست فردية إنما ضمن استقالة حكومة شرف .
-         حكومة شرف تضع استقالتها تحت تصرف المجلس العسكري  الذي لم يبت فيها حتى نهاية اليوم .
-         طرح العديد من الأسماء لتولي منصب رئيس الوزراء في حال تأكد استقالة شرف من بين هذه الأسماء محمد البر ادعي ، و د / الببلاوي وزير المالية في حكومة شرف .
-         أيضا توقيف ايرلندي بمطار القاهرة يحمل سترة ضد الرصاص وأجهزة حديثة .
-    رفض المتظاهرون دخول أي رمز للقوى السياسية لا سيما د / البلتاجي وحازم أبو إسماعيل ممثلا الإخوان المسلمين والجماعة السلفية  وطردوهم من التحرير .
-    وفي حوار تليفزيوني مع قناة س ب س ذكر د/ البلتاجي انه رأى عناصر من الجماعة مع المتظاهرين في التحرير لكن الجماعة لن تنزل رسميا للمشاركة مع المتظاهرين ولن تشارك في مليونية الغد الثلاثاء ، وردد البعض أن هذا الأسلوب متبع دائما من قبل الجماعة كما حدث في سورة 25 يناير حيث تمسك العصا من منتصفها إذا نجحت الثورة قالوا الم نكن معك ، وان كانت غير ذلك قالوا أنهم لم يشاركوا ولم يتخذوا قرارا بالمشاركة .
-         دعوة لمليونية غدا الثلاثاء بميدان التحرير وميادين مصر الأخرى .
-    قدمت قوى سياسية وحقوقية بلاغ للنائب العام في قتل المتظاهرين ، كما قدم أعضاء نقابة الصحفيين بلاغا ضد رئيس الوزراء ووزير الداخلية وعدد من الضباط بتهمة الاعتداء على الصحفيين بالقاهرة والإسكندرية وتعذيبهم وذكروا تحديدا واقعة الاعتداء على " سرحان سنارة " الصحفي بمكتب جريدة الأخبار بالإسكندرية . .
-         المجلس العسكري يدعو القوى  الوطنية إلى حوار للخروج من الأزمة .
-         أسهم مصر تفقد 2.2مليار جنيه في أول 30 دقيقة من الجلسة .
-    الحصيلة النهائية حتى الآن بحسب وزارة الصحة المصرية 24قتيلا و 481 مصابا في أحداث التحرير رغم أن الأنباء تشير على أعداد أكبر من ذلك .
الثلاثاء 22-11-2011
صباح جديد وأجواء باردة لا تستطيع أن تلطف من الاحتقان الذي يسيطر على المتظاهرين في ميدان التحرير وميادين أخرى في بر مصر ، الكل ينتظر كلمة المشير علها تضع حدا لما آلت إليه الأمور ..وكالات الأنباء وكاميرات الفضائيات معلقة على التحرير.. تحليلات مسلية لملايين المشاهدين في مصر وخارجها عنصر الإثارة والتشويق يظهر في أسئلة مقدمي البرامج والمحللين ..والكل يطرح وجهة نظره للخروج من الأزمة الراهنة التي تعصف بالبلاد.
طال الاجتماع المنتظر نتائجه بين المجلس العسكري والقوى السياسية التي دعيت على عجل لوضع تصورات وحلول للأزمة ، تخلف د/محمد ألبرادعي عن الحضور وقيل انه فضل عدم الحضور ليكون وسيطا بين التحرير والمجلس العسكري ، آخرون لم يحضروا بدواعي المرض ، على رأس الحضور كانت جماعة الأخوان المسلمين ؛ وحزب الوفد وحزب الوسط ، وعمرو موسى ، وسليم العوا وآخرون ، التليفزيون المصري الرسمي ينوه إلى خطاب وشيك للمشير إلى الأمة ..
وكالات الأنباء تنقل ارتفاع سقف المتظاهرين كلما مر الوقت ، والوقت يمر والاجتماع لم ينته بعد والمشير لم يخرج للأمة بالكلمة المنتظرة والليل ببرده الشديد يحل على مصر ولازالت المناوشات بين الأمن والمتظاهرين مستمرة في التحرير وغيره من الميادين ، صبيه دون العشرين تتناثر الشائعات بأنهم التراس الأهلي والزمالك والاسماعيلي  يقذفون رجال الأمن بقذائف المولوتوف وبالألعاب النارية وما يطلق عليه الشماريخ والأمن يرد بمزيد من قنابل الدخان المثيرة للجدل والتي توقع العديد من الإصابات وربما الوفيات ، المستشفي الميداني في قلب التحرير يستقبل المزيد والمزيد من حالات الاختناق ، دراجات نارية منظمة على كل واحدة منها ، صبيان ينقلان الجرحى بشكل حرفي إلى تلك المستشفى ، الفضائيات لا زالت تنوه لكلمة المشير وفي الخلفية عرض للمتظاهر الذي توفى وجموع من المتظاهرين تحمله و تطوف به الميدان متجهة نحو شارع محمد محمود نقطة التماس التي لا تهدأ حيث العنف المتبادل لا زال يسيطر على هذا الطريق المفضي إلى وزارة الداخلية . متظاهرين  يمنعون موكب المتوفى من الوصول إلى نقطة الاشتباكات ، يعودون به ثم يصلون عليه في الميدان وتحمله سيارة إسعاف من تلك السيارات العديدة التي ما فتئت تنقل المصابين .
يخرج الدكتور عصام شرف بتصريح مفاده أن حكومته استقالت استجابة لإرادة الشعب وعلى الشعب أن يهدأ ويحافظ على الهدوء وكل مطالبه سوف تجاب ويتساءل : لمصلحة من ما يحدث الآن ؟ ، وربط البعض بين تصريحاته وهو في ميدان التحرير متظاهرا غير مهتم لنداءات النظام السابق بالتهدئة وتغليب مصلحة الوطن  وبين طلبه التهدئة الآن .
لجان شعبية تحاول الفصل بين الشرطة في شارع محمد محمود وبين المتظاهرين الغاضبين على مدخل الشارع ، وذكر د/ ممدوح حمزة الأمين العام للمجلس المصري أن طرفا ثالثا يطلق الخرطوش على كل من الشرطة والمتظاهرين وقد نسبت جريدة الأهرام  هذه التصريحات له في عددها الصادر في 24-11-2011 .

يخرج رئيس حزب الوسط على قناة الجزيرة القطرية ، مدليا بتصريح مفاده أن الاجتماع قد انفض منذ دقيقتين وان الأحزاب اتفقت مع المجلس على نقاط عدة أبرزها :
-         قبول استقالة حكومة الدكتور شرف .
-         تعيين حكومة إنقاذ وطني .
-         إجراء الانتخابات في موعدها .
-         وقف العنف ضد المتظاهرين .
-         تقديم اعتذار عن العنف ضد المتظاهرين وتعويض اسر الشهداء ، وعلاج المصابين على نفقة الدولة .
-         اتفق ايضل على موعد محدد لنقل السلطة للمدنيين بحلول منتصف عام 2012 م .
واستفز العديد من مشاهدي الجزيرة من المصريين هذا التصريح لرئيس حزب الوسط للجزيرة وكأنه يتلقى أموالا قطرية مقابل هذه الخدمة مقابل هذا السبق وكأن كل شئ يدار الآن من منطلق مصلحتي أولا ..و تعالت الصيحات في التحرير برفض ما رشح من تلك الإجراءات .
تناقلت وسائل الإعلام عن المتظاهرين قولهم أن من اجتمع بالمجلس العسكري من القوى السياسية لا تمثلنا وبالتالي أي اتفاق معها لن نعترف به .
يشير التليفزيون الرسمي إلى خسائر البورصة اليوم والتي فقدت ما يقرب من اثنا عشر مليار دولار من القيمة السوقية اليوم ،ليبلغ مقدار ما خسرته خلال ثلاثة أيام فقط سبع وعشرون مليار جنيه ، كما تعدى الدولار ستة جنيهات مصرية لأول مرة منذ ست سنوات ، يتساءل البعض من المسئول عن تلك الخسائر ؟ إذا كنا نحاكم مبارك ونجليه والعديد من رموز نظامه عن عدة مليارات ، فمن المسئول عن تلك المليارات التي يفقدها الاقتصاد المصري وهروب رأس المال ، والخراب الذي يحل بالمنشآت والممتلكات العامة والخاصة ؟ الثوار يردون:  يتحملها النظام القائم على رأس الدولة متمثل في المجلس العسكري، ويرد أنصاره من أين له بالأموال في ظل هذه الخسائر وفي ظل توقف عجلة الإنتاج والوقفات الاحتجاجية والمطالب الفئوية وتراجع السياحة ، فيرد أنصار الثورة بأن الثورة لم  تحكم حتى تحملوها تلك الخسائر ، وإنما الذي يحكم مصر الآن هو نظام مبارك متمثلا في حكم العسكر وعلى رأسهم المشير طنطاوي الذي ظل وزيرا للدفاع لمدة عشرون عاما  في ظل حكم مبارك ، بعض تعليقات مشاهدي الفضائيات يشير إلا أن ما يحدث هو ذنب الرئيس السابق مبارك وآخرون يتناقلون كاريكاتير يظهر سوزان مبارك زوجة الرئيس السابق على أنها من تقود مصر وأن المشير تابع لها ،ويستمر الجدل وكل يدافع باستماتة عن وجهة نظره ، ويبدوا انه لا مجال للالتقاء في وسط الطريق .
التليفزيون المصري يعلن عن إلقاء المشير كلمته إلى الأمة الآن .
ظهر المشير على عشرات الشاشات في وقت واحد والكل حبس أنفاسه ليسمع ويرى ويحلل ليس مضمون كلمة المشير  فحسب ، بل لبسه  أيضا و طريقة إخراج الكلمة والصورة وكل شئ ، تحدث المشير وبدأ بالأسف على الضحايا وتعزية أسرهم وعرض لدور القوات المسلحة المشرف على مر التاريخ حتى مساندة ثورة 25 يناير وحتى الآن وكيف تحمل المسئولية في ظروف غاية في الصعوبة في ظل مزايدات واتهامات القوى السياسية لهم  وأكد على انه لم ينفرد قط بقرار بل كان يستطلع في كل قرار رأي القوى السياسية وائتلاف الثورة وعرض النقاط التالية :
-         قبول استقالة الدكتور عصام شرف .
-         التحقيق في ملابسات أحداث التحرير .
-         تحديد موعد تسليم السلطة للمدنين قبل منتصف  2012 م .
-    وأكد مرارا على إن المجلس العسكري لم يطمح أبدا في السلطة وانه مستعد للتنازل الفوري إذا الشعب أراد ذلك من خلال استفتاء .
وبمجرد الانتهاء من كلمته كان الرد يأتي قويا وبصوت واحد من التحرير والميادين الأخرى : ارحل ارحل
يا مشير يا مشير .. الشرعية في التحرير ، إشارة إلى أن الأمر لا يحتاج استفتاء .
وبدأت التعليقات والتحليلات بداية من أنه أعرب عن الأسف  ولم يكلف نفسه ويقدم اعتذار ، وانه لم يأمر بمحاكمة قتلة المتظاهرين ، كما انه غير صادق بتسليم السلطة ، وطالت التحليلات إخراج الكلمة التي بدا عليه أنها مسجلة وعمل لها مونتاج مكثف ، وقال البعض : "ما أشبه اليوم بالبارحة " في مقاربة واضحة بين كلمة المشير الليلة  و كلمة الرئيس مبارك قبل التنحي ، وتحدث عدد غير قليل من المواطنين لا سيما النساء وبعيدا عن ميدان التحرير والذي يطلق عليهم الآن " حزب الكنبة " والذي يعتبر نفسه انه الأغلبية الصامتة التي لا تنزل إلى الميادين خوفا على مصر عبر عدد كبير منهم عن اقتناعهم بكلمة المشير وراحوا يتساءلون : ماذا يريد المتظاهرين بعد ؟ ولماذا يصرون على اقتحام وزارة الداخلية رغم علمهم بأن الداخلية لن تسمح بذلك مما يولد الاحتكاكات التي تؤدي إلى الإصابات والوفيات ؟
وتبجح الناشطون على شاشات الفضائيات في سب المجلس العسكري وخرجت دكتورة الاقتصاد والعلوم السياسية على شاشة س ب س لتقول : أنا بقول للمشير أنت كاذب كاذب وتعال حاكمني ، وقال آخرون مثل قولها أو شبيه منه .
وظلت استوديوهات التحليل والمكالمات الهاتفية لاستعراض رأي المشاهدين والنخب والناشطين ، ظلت على حالها والصورة معلقة على ميدان التحرير وشارع محمد محمود حتى ساعات متأخرة من الليل وازدادت برودة القاهرة ودخل المعتصمين خيامهم ، بينما ظلت المناوشات مستمرة وان قلت على مدخل شارع محمد محمود .
الاريعاء 23-11-2011
المعتصمين في خيامهم التي تتوسط ميدان التحرير الذي خلى من المارة تقريبا في  صبيحة يوم بدا مشهده  هادئا على الأقل في بدايته وهنا في ميدان التحرير بينما لا زالت احتكاكات محدودة بين نفر قليل والأمن في شارع محمد محمود  ، برودة الجو قد جعلت مئات الآلاف يذهبون في أواخر ليل أمس إلى منازلهم على أن يعودوا صباحا اليوم إلى الميدان .
 لا زالت شاشات التلفاز معلقة على الميدان وشارع محمد محمود ، وقد عرض التلفزيون المصري صورا للأطفال الذين يرشقون الأمن بالحجارة وزجاجات المولوتوف سواء في شارع محمد محمود وعلى أسطح العمارات  ، والعجيب أن هؤلاء بدوا صغار السن أعمارهم أقل من خمسة عشر عاما ووجوههم لا تقول أنهم ثوار ، فزاد التساؤل مرة أخرى : لماذا يصرون على اقتحام وزارة الداخلية والاحتكاك  بقوات الأمن ، وتعريض أنفسهم للخطر  ولمصلحة من ؟.
الجيش حاول عدة مرات أن يضع حواجز لكن يمنعه هؤلاء النفر وصرح مصدر عسكري أنهم لا يريدون عمل هذا الأمر بالقوة .
بدأت الأعداد تتدفق على الميدان تدرجيا مع تحسن حالة الجو ، وبدأ ظهور أعضاء المجلس العسكري في تصريحات على شاشة التلفزيون من خلال مؤتمر صحفي ويبدوا أنهم أدركوا أنهم يكررون نفس خطأ الرئيس السابق بالـتأخر في التواصل مع الشارع فقرر الظهور وبكثافة ، وظهرا اثنين من اعضاء المجلس في ضيافة التلفزيون المصري الذي واجههم باسئلة الشارع حتى ان البرنامج انتهى في ساعة متأخرة من ليلة أمس .
ظل الوضع علي نفس المنوال مناوشات مع الأمن ، مطالبات المتظاهرين برحيل العسكر ، ازدياد عدد الوفيات والمصابين ، طرد وزير الصحة من الميدان ، استمرار تحليل الفضائيات وردود الأفعال ومناقشة ما يعتبرونه أخطاء المجلس العسكري .
وكما الأمس وكل يوم غادرت أعداد كبيرة الميدان في آخر الليل على أن تعود صباحا ..
اليوم الخميس الموافق 24-11-2011
-    البداية المعتادة لكل صباح برودة  الجو تجعل حركة المتظاهرين بين الخيام معدومة وقليل من الصبية يرشقون الأمن بالحجارة والشرطة ترد بالغاز .
وشيبا فشيئا تزداد أعداد المتظاهرين ، ويجمد الوضع على ما هو عليه .
انتقادات من جهات عدة من بينها منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية ودولا كبرى مثل بريطاني بينما كان الرد الأمريكي على لسان الرئيس أوباما أن مصر في طريقها إلى الديمقراطية رغم العنف إحداث التحرير الحالية .
-    الشئ بالشئ يذكر فقد ذكرت الوكالات أن إسرائيل تستعد لانتشار واسع على حدودها مع مصر ، ومصر تبعث بإشارات طمأنة للعالم من خلال لقاء أبو مازن وخالد مشعل في القاهرة كما كان مقررا دون تأجيل ، وكذلك اجتماع وزراء لجنة المتابعة العربية بشأن سوريا بالجامعة في القاهرة ، كلها إشارات تفيد أن الأمر بعيدا عن ميدان التحرير على ما يرام .
-    المجلس العسكري في صفحته على صفحة التواصل الاجتماعي " فيس بوك " يأسف ويعتذر للشعب المصري عن وقوع شهداء ومصابين خلال أحداث ميدان التحرير متفاديا بذلك الانتقادات التي وجهت لكلمة المشير حيث أبدى الأسف ولم يعتذر كما انه لم يسمي الضحايا بالشهداء .
يؤكد المجلس العسكري في كل مناسبة أن الانتخابات في موعدها رغم الأحداث وسفارات مصر بالخارج تعمل على قدم وساق استعدادا للانتخاب المصريين بالخارج لأول مرة في تاريخهم .
-         بورصة مصر تواصل الارتفاع في الجلسة الثانية رغم الأحداث .
-         الإفراج عن ثلاثة أمريكيين اعتقلوا خلال الأحداث  .
-    ولعل الأبرز اليوم هو المؤتمر الصحفي لاثنين من أعضاء المجلس العسكري وممثلين عن الشرطة أجابوا فيه عن أسئلة الصحفيين والمراسلين ، وكرروا ما سبق تأكيده من إقامة الانتخابات في موعدها وان تنحي المجلس الآن دون استفتاء من كامل الشعب خيانة ، وأنهم ملتزمون بالتحول الديمقراطي .
الجمعة الموافق 25-11-2011
يوما مفصليا فارقا في تاريخ مصر ، صورة حذرت منها كما حذر منها الكثيرون وهي تقسيم البلد ، صورة لم نرها في 25 يناير ، الشعب انقسم على نفسه بين مؤيد للمجلس العسكري ونظم مظاهرة ضخمة في ميدان العباسية ، وبين معارض للمجلس العسكري وهم بطبيعتهم في ميدان التحرير ، والمشهد نفسه في ميادين عدة بمحافظات مصر لا سيما الإسكندرية والغربية .
شاشات التلفاز انقسمت إلى قسمين احدهما لميدان التحرير والآخر لميدان العباسية ، مواقع التواصل الاجتماعي تناقلت صورة جموع الشعب تدفع سياج حديدي يفصلها عن الجيش الذي يدفعه هو الأخر باتجاه المتظاهرين في إشارة إلى المواجه أصبحت بين الجيش والمتظاهرين وهو خيار صعب كان الجميع يتفاداه وحذر منه حتى أن المجلس العسكري في كل رسائله كان يحذر من قوى تحاول الوقيعة بين الجيش والشعب وقد حدث ما كان يخشاه .
الشيخ مظهر شاهين إمام وخطيب مسجد عمر مكرم بالتحرير والملقب بخطيب الثورة شكر تحديدا ثوار المحلة لحمايتهم المنشآت الحكومية حيث كونوا دروعا بشرية لحماية مراكز الشرطة ،و ناشد الجميع وحدة الصف ودعا لمصر وشعبها بالأمن والأمان ونوه لكلمة مندوب شيخ الأزهر عقب الصلاة ، مندوب شيخ الأزهر أكد على  أن الأزهر مع المتظاهرين في مطالبهم المشروعة لكنه شدد على ضرورة حقن الدماء ،  فعصمة الدم مقدمة في الإسلام على أي شئ .
في التحرير لم يقم المتظاهرون ولم يسمحوا بإقامة أي منصة حتى لا تستغل من قبل هذا الفصيل أو ذاك ، بينما  أقام المتظاهرون في العباسية منصة واحدة .
في التحرير أيضا تم الاعتداء على علياء التي عرضت صورا لها وهي عارية ابتهاجا بالحرية بعد رحيل مبارك ، كما شوهد د/ محمد البر دعي وهو يحاول الوصول إلي وسط الميدان وعندما فشل عاد إدراجه إلى خارج الميدان .
أصداء ترشيح د/ الجنزوري رئيسا للوزراء تتفاعل بين المتظاهرين في التحرير يرفضون ويحسبونه على نظام مبارك ، وفي العباسية يثقون في اختيارات المجلس العسكري ويقولون إن الوزارة مؤقتة لتسير شئون البلاد حتى انتهاء الانتخابات وتشكيل المجلس التشريعي ، بينما في قنوات التلفاز تستضيف مؤيدين ومعارضين في مشهد يمثل صورة الانقسام الحقيقي ،صورة لم نرها داخل المجتمع المصري من قبل.
البيت الأبيض وعلى لسان الرئيس الأمريكي أوباما يدعو إلى نقل السلطة في مصر إلى حكومة مدنية في أسرع وقت ممكن ، وثوار العباسية يعتبرونه تدخلا سافرا وغير مقبول في الشأن الداخلي المصري ، بينما اعتبره ثوار التحرير لا قيمة له فأمريكا لا تريد مصلحة مصر بأي حال من الأحوال .
دعا الدكتور عمرو موسى المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية إلى تشكيل حكومة تضم كل أطياف المجتمع المصري وان تمنح كافة الصلاحيات التي تمكنها من أدارة المرحلة .
بينما يصر ثوار التحرير على مرشحين بعينهم لرئاسة الوزراء من أمثال د / البر دعي ، وحمدين صباحي ، و د / أبو الفتوح ويتظاهرون أمام مجلس الوزراء لمنع الجنزوري من دخول مجلس الوزراء رشحت أنباء بأن هؤلاء المرشحين رفضوا هذا المنصب حتى لا يحرقوا أنفسهم في ظل هذه الظروف الصعبة .
مظاهرة الأزهر التي نظمها الأخوان المسلمين والعديد من الجهات الأخرى ضد تهويد القدس انتهت الى التأكيد على عروبة القدس .
الشيخ على جمعة وزير الأوقاف أكد على وسطية الأزهر التي يحملها على عاتقه ، وبمناسبة الدكتور على جمعة تناقلت الأخبار أن الشيخ أبو إسحاق الحويني احد شيوخ السلفية والذي نعت الشيخ على جمعة بأنه ولد ميتا ونعته بأشياء أخرى عديدة وأقام الشيخ على جمعة دعوى سب وقذف ضده شغلت الرأي العام لفترة طويلة يقال انه دخل المستشفى بأزمة قلبية ، وهو ثاني شيخ للسلفية يصاب بأزمة قلبية بعد الشيخ محمد حسان الذي دخل العناية المركزة مصابا بأزمة قلبية .
مصر ترفع حالة الطوارئ في العريش تحسبا لهجمات التنظيم الجهادي بعد تفجير خط الغاز الواصل لإسرائيل  للمرة الثامنة .
مصر تصدر أذون خزانة بملياري دولار .
مصادرة 16 مخططا اثريا من سائح أمريكي آت من تركيا .
نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل صرح بأن السلام مع مصر يضمن لإسرائيل حرية الملاحة في قناة السويس .
بعيدا عن الميدان إقالة حسن صقر وتعين مدحت البلتاجي مسئولا عن الرياضة في مصر وتأجيل دوري القسم الثاني وإلغاء معسكر الفريق القومي الأول بسبب الأحداث ، وطائرة مصر تسقط للمرة الثالثة أمام أمريكا في كأس العالم للكرة الطائرة في اليابان .
غدا السبت أجازة في مصر بمناسبة السنة الهجرية الجديدة 1433 كل عام وانتم بخير .
مصر تنتخب .. الاثنين 28-11-2011
اليوم  الانتخابات كل قد وضع يده على قلبه ، إنه يوم فارق في تاريخ مصر ، إنها مرحلة تاريخية بكل المقاييس يترقب المصريون والعالم نتائجها ، ولم لا ومصر دولة محورية في الشرق الأوسط وذات أهمية عالمية ولا أبالغ في ذلك فما يحدث في مصر يتردد صداه في شتى أنحاء العالم ، ففي عز الأزمة السورية وانشغال العالم بمشاهد القتل اليومي من قبل جيش النظام السوري لأبناء شعبه  والعقوبات المتوالية عربيا ودوليا على النظام السوري ، وفي عز الأزمة التي نشأت بين إيران  والغرب بسبب اقتحام المتظاهرين في إيران للسفارة البريطانية في طهران ، كان ما يحدث في مصر يتقدم نشرات الأخبار ومحط اهتمام وكالات الأنباء العالمية .
بدا منذ الصباح أننا أمام يوم استثنائي وأكدته تلك الجموع التي خرجت عن بكرة أبيها منذ الصباح الباكر رغم البرد القارص واصطفت في طوابير طويلة دون تبرم أو ضيق يعلو وجوهها الحماس والفرحة بالمشاركة في صنع حدث استثنائي ربما غير وجه مصر بل و لربما امتد تأثيره إلى دول عديدة في المنطقة وخارجها .
شاهدت منظر متنوع تنوع مصر ، منظر  أشبه بالكوكتيل من البشر ، نساء منقبات وأخرى غير منقبات وما بينهما ، شاهدنا عجائز وشباب وما بينهما ، ولا زلت أذكر تلك العجوز التي تناهز المائة والعشرون من عمرها وذهبت لتدلي بصوتها من أجل مصر ، لقد احتفظت بالفيديو الخاص بها على صفحتي الشخصية على صفحة التواصل الاجتماعي " فيس بوك " . شاهدت ذو اللحية الطويلة صاحب المرجعية الإسلامية وذلك الذي يرتدي صليبا ، الجميع وقف في مشهد حضاري حتى المرشحين المحتملين للرئاسة وعلى رأسهم عمرو موسى والبر ادعي وآخرون وقفوا هم أيضا في تلك الطوابير ولم يستجيبوا لطلبات البعض لهم بالتقدم وأصروا على أن يلتزموا النظام في مشهد اقل ما يقال عنه انه مشهد حضاري .
رحنا ننتظر بين الحين والحين الحدث الأسوأ ، لكنه لم يأتي بعد والأمور تسير على ما يرام ، ووكالات الأنباء تتناقل المظهر المشرف للانتخابات المصرية ونقل عن وفد منظمة العفو الدولية أنه لم يشهد انتهاكات لحقوق الإنسان في خمس وعشرون مركزا انتخابيا زارها خلال المرحلة الأولى من الانتخابات المصرية ، والوقت يمر ، والصورة تزداد بياضا  ، والقلوب تهدأ ، ويخفت مشهد ميدان التحرير ويتراجع أمام زخم الصورة التي تتناقلها وسائل الإعلام من مراكز الانتخابات المنتشرة في المحافظات التسع في المرحلة الأولى من الانتخابات المصرية . حتى أن التحرير بدا خاويا إلا من الخيام التي أقامها المعتصمون .
لقد بدا المظهر العام انتصارا باهرا للمؤسسة العسكرية ومجلسها الأعلى الذي أصر على أن تكون الانتخابات في موعدها رغم  الأحداث المضطربة والذعر الذي أصاب المصريين طيلة الأيام القلائل الماضية . لقد شعرت بالمجلس العسكري وملايين المصريين وهم يتنفسون الصعداء بعد أن ارتدت إليهم الثقة بالنفس بعد انتهاء اليوم الأول من الاقتراع ، وإن بدا يتسرب بعد المخالفات من التيار الإسلامي متمثل في جماعة الأخوان المسلمين والسلفيين لا سيما استخدام الدعاية الدينية في الحملات الدعائية وكذا استمرار تلك الدعاية حتى أثناء الانتخاب ، وأيضا توزيع أموالا وتقديم رشى في أشكال مختلفة منها النقدي وآخر على شكل هدايا كالموبيلات وخلافه ومنها تقديم وجبات للمقترعين .
وقد انتقد معظم الأحزاب استخدام الدين في الدعاية الانتخابية  من قبل الإسلاميين وكان على رأس هذه الأحزاب  حزب الوفد الذي كان يعول عليه الليبراليون كثيرا ، إلا انه فقد كثيرا من ثقة الجمهور بعد تحالفه مع الإخوان المسلمين  ثم انسحابه ،  وما قيل عن دعم الكنيسة له في مواجهة الإخوان ناهيك عن الأحداث المؤسفة التي صاحبت انتقال رئاسة الحزب للدكتور سيد البدوي قبل سنوات قليلة . وشاهدنا فيديوهات وصورا وسمعنا قصصا عديدة  لهذه المزاعم . وتناما لعلمنا أن العديد من هذه الأحزاب وبعض المستقلين قدم شكاوي للجنة العليا للانتخابات بهذا الصدد .
وأخيرا البورصة تنتفض تحت وقع الصورة المشرقة للانتخابات وتعوض جزء من خسائرها  .
 وتحصد 2.2 مليار دولار  .
مصر تنتخب .. الثلاثاء 29-11-2011
مر اليوم  الثاني في انتخابات المرحلة الأولى للانتخابات المصرية كسابقة مدعوما بالثقة والصورة المشرقة ليوم أمس ، وان بدا الإقبال أقل من يوم أمس ربما للبرد القارص أو لأن عددا كبيرا أدلى بصوته يوم أمس .
الجنزوري المكلف بتشكيل الحكومة يواصل مشاوراته مدفوعا بزهو المجلس العسكري بنجاح الانتخابات وبانحصار الصوت القادم من ميدان التحرير والمعارض له ، وهدوء المشهد أمام مجلس الوزراء .
في نهاية اليوم الثاني والمرحلة الأولى في جولتها الأولى ظهر العديد من التصريحات اللافتة منها :
علا غانم ابنة الممثل سمير غانم تحذر تجاهل الانتخابات  لأنه سيكون في صالح الأخوان .
عادل إمام : الشعب المصري سيتجاوز هذه المرحلة رغم ضبابية المشهد .
روبرت فيسك الصحفي الشهير المهتم بقضايا الشرق الأوسط : الانتخابات المصرية تجعل أي دولة أوربية تشعر بالخزي .
نجيب ساو يرس رجل الأعمال القبطي الشهير ومؤسس حزب المصريين الأحرار وصاحب قنوات " اون تي في " ، يؤكد أنه جالس على قلب الإخوان ولن يغادر مصر ولو بالطبل البلدي  .
رئيس الرقابة الإدارية يتوقع أداء أفضل لبورصة مصر بعد الانتخابات .
إعجاب عالمي بعملية التصويت في مصر .
وخبر صغير مفاده أن مصر تستقبل سبع أطنان من القنابل المسيلة للدموع من أمريكا .
تغلق صناديق الاقتراع رغم استغاثات المصوتين على شاشات التلفاز من أنهم لم يتمكنوا بعد من الإدلاء بأصواتهم ، والبعض يحاول إيجاد تفسيرا لهذا الإصرار العجيب للمشاركة ، وأعاد البعض ذلك للغرامة المقدرة بخمسمائة جنيه لمن يتخلف عن الإدلاء بصوته ، والبعض أرجعها إلى تشوق المصريين لممارسة الديمقراطية وآخرون رددوا أن الإسلاميين هم من وراء هذه الكثافة لحرصهم على اكتساح هذه الانتخابات وعدم تضيع هذه الفرصة التي انتظروها طويلا ، ورأي آخر أرجعه  إلى أن  الخوف من الإسلاميين جعل الليبراليين والأقباط يشاركون بكثافة ، وأيا كان السبب إلا أن المؤكد أن المصريين شاركو بكثافة تعدت نسبتها 62% كأكبر نسبة مشاركة في تاريخ مصر منذ الفراعنة ، كما صرح بذلك رئيس اللجنة العليا للانتخابات لاحقا في مؤتمره الصحفي للإعلان عن نتيجة الانتخابات في مرحلتها الأولى .
صناديق الاقتراع تنقل تحت تأمين الجيش إلى أماكن معينة مجمعة لفرز الأصوات .
وبدا الحديث عن مؤشرات قوية على تقدم الأخوان  والسلفيون رغم أن الفرز لم يبدأ بعد .
مصر تنتخب .. الاربعاء 30-11-2011
الكل مزهو  بعملية التصويت وبالإشادة الدولية بها ، وبدأ الحديث عن النتائج والتسريبات من هنا وهناك وكلها كما يتردد قبل الانتخابات  تصب في صالح الإسلاميين من  إخوان وسلفيين ، والكتلة المصرية في المركز الثالث بينما تدل المؤشرات على تراجع حزب الوفد العريق .
بعض ائتلافات الثورة وقد أزعجهم نجاح المجلس العسكري في تنظيم الانتخابات وتراجع صوت ميدان التحرير دعوا الى ميلونية لبعد غد الجمعة لتكريم شهداء التحرير الذين سقطوا في شارع مصطفى محمود .
ازمة انابيب الغاز لا زالت تتصاعد في الشارع والحديث عن بلطجية وراء الاستحواذ على هذه الانابيب وتوزيعها بمعرفتهم والموارد البترولية تنفي تدخا هيئة البترول في توزيعها  .
الاعلان عن زيادة رسوم عبور قناة السويس 3% بداية من مارس المقبل والتي لم تزد اسعار المرور فيها منذ ثلاث سنوات ، وتظل هي الأقل كلفة عالميا .
قناص العيون الذي ظهر في فيديو فرحا باصابة عين احد المتظاهرين بشارع محمد محمود ينفي استهداف المتظاهرين ، ويؤكد انه ترك شقته الى أخرى غير معروفة العنوان بسبب تهديدات وجهت اليه بالقتل وانه لم يهرب او يذهب الى خارج البلاد ، وقد اكدت المصادر انه تحت تصرف جهات التحقيق ، علما ان جهات عدة شككت في صحة الفيديو المنشور له خاصة انه مصور من جهة وزارة الداخلية فكيف يدين نفسه كما ان الخرطوش ليس به سن نمل الدبانه فكيف له ان يقتنص ؟! .
وعاشت مصر هذه الليلة على أصداء نجاح العملية الانتخابية وسلبياتها والتي باتت محور نقاش معظم برامج التوك شو والبرامج الإخبارية المصرية والخارجية .
مصر تنتخب .. الخميس01-12-2011
مرة اخرى ترقب حذر يسود مصر صبيحة يوم جديد ومحاولة لجذب الاهتمام الي ميدان التحرير في مليونية يؤكد عليها لتكريم شهداء الثورة وفي المقابل ما يطلقون على انفسهم حزب الكنبة او الأغلبية الصامته في مواجة ما اسموه محاولة استئثار التحرير باتخاذ القرار والتأكيد على ان التحرير ليس هو كل مصر بل هناك أغلبية صامتة بدأت تتحرك من خلال مظاهرات حاشدة الجمعة الماضية والجمعة القادمة غدا لدعم المجلس العسكري حتى يسلم السلطة الى مجلس مدني حسب خارطة الطريق الموضوعة ، ويردد متظاهروا العباسية ان المجلس العسكري هو العمود الأخير في مصر اذا كسر وسقط كما يريد متظاهرو التحرير انهارت الدولة وسقطت  . لذا الكل يحشد والإخوان ينتظرون ..
يتردد ان 32 وزيرا هي قوام حكومة الجنزوري المنتظرة بعد أن أعاد وزارتي التموين والشباب والرياضة ، للرقابة على الأسعار ، والاهتمام بالشباب  ، كما استحدث وزارة للاهتمام بأسر شهداء ومصابي الثورة .
تأجيل نتائج الفرز الى يوم غد الجمعة .
مصر تنتخب .. الجمعة 02-12-2011
أعداد بسيطة تتوافد على ميدان التحرير استعداد لمليونية اليوم لتكريم الشهداء والأمر نفسه في مشهد مكرر في ميدان العباسية مع اختلاف الهدف وهو تأييد الاستقرار وبقاء المجلس العسكري لحين نقل السلطة غالى رئيس مدني منتخب .
خطيب مسجد عمر مكرم يكرر على مطالب الثورة لا سيما ما يتعلق منها بمعاقبة المسئولين عن مقتل شهداء التحرير .
عقب خطبة الجمعة نعوش بعدد الشهداء تطوف ميدان التحرير في مشهد درامي مؤثر يؤكد فيه المنظمون أننا لن ننساكم .
في المقابل متظاهري العباسية يقفون دقيقة حداد ترحما على شهداء مصر في التحرير وغير التحرير من المتظاهرين ومن رجال الأمن ..فالكل كما يقولون أبناء مصر ولا فرق بين دم ودم فكلهم مصريون . ثم ينطلقون في حفلتهم يتغنون بالأغاني الوطنية الملهبة للحماس .
بعض متظاهري التحرير ذهب لأسر المصابين عرضوا عليهم أمرين الأول : إقامة سرادق للعزاء بالتحرير ، لكنهم رفضوا وقالوا لن يأخذوا العزاء إلا بعد تقديم الجناة للمحاكمة ، والأمر الثاني : هل يعتصموا بالميدان من اجل الشهداء والمصابين فأكدوا علي ذلك .
وقد بدا للعيان أن مظاهرة التحرير لم ترق للمظاهرات السابقة فبدت ضعيفة العدد في ظل تفضيل البعض للاستماع إلى نتيجة الانتخابات وما يرشح من أسماء عن حكومة الجنزوري ، و اقتناع آخرون أن المرحلة الانتقالية بدأت بالفعل من خلال هذه الانتخابات فلم التظاهر إذن ؟.
والحقيقة أن مظاهرات العباسية آلمت كثيرا متظاهري التحرير فراحوا ينعتونهم بأنهم فلول النظام السابق وأنهم من جماعات مؤيدة للنظام السابق مثل " إحنا آسفين يا ريس " و " أبناء مبارك " وأكثر من ذلك وصفهم البعض بأنهم مجندين منحهم الجيش أجازات وأمرهم بالتظاهر بلباس مدني تأيدا لهم ، والبعض ذكر أن هناك من يدفع أربعمائة جنيها لكل متظاهر ، ودلت مثل هذه الأقاويل على أن مظاهرة ميدان العباسية آلمت كثيرا المتظاهرين في التحرير حيث شعروا أن هذه المظاهرة بحجمها الكبير الذي فاق التوقعات قد جعل الأمر ليس ثورة وإنما هو اختلاف في وجهات النظر وافقد التحرير زخما وتأثيرا جعل من ساسة الغرب يجعلون من ميدان التحرير مزارا كما فعلت هيلاري كلينتون من قبل .
كانت مظاهرات التحرير والعباسية موضع نقاش ومناظرات بين ممثلين الطرفين ، حيث يلوم متظاهري التحرير على متظاهري العباسية أنهم في الوقت الذي كانوا يكرمون شهداء مصر كانوا هم يتغنون ويحتفلون ، ويرد عليهم متظاهري العباسية أنهم هم من دعوا أولا إلى التظاهر حدث ذلك من أسبوع مضى بينما متظاهري التحرير دعوا لمظاهرتهم منذ يومين فقط ، كما أنهم أقاموا دقيقة حداد على شهداء مصر في التحرير وفي غير التحرير الآن ومن قبل ، ثم إنهم كانوا يتغنون بحب الوطن .
وفي الوقت الذي كان المناظرات بين التحرير والعباسية على أشدها في الفضائيات كان رئيس اللجنة العليا للانتخابات يستعد في تمام الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي لإعلان النتائج الرسمية للمرحلة الأولى من الانتخابات فيما يخص الفردي حيث تؤجل نتيجة القوائم حتى نهاية الانتخابات وان كانت النتائج قد عرفت من خلال التسريبات  .
وأكدت النتائج الرسمية ما كان متوقع فوز الإخوان بنسبة 40% ثم السلفيين 20% وتلاهم الكتلة المصرية بزعامة حزب المصريين الأحرار بزعامة نجيب ساو يرس 15% ، وجاء بعدهم بمراحل حزب الوفد بزعامة الدكتور سيد البدوي .
تراجع الدكتور محمد المرسي رئيس حزب الحرية والعدالة  الذراع السياسي للإخوان المسلمين في حواره مع الإعلامي وائل الإبراشي في برنامج " الحقيقة " عن تصريحاته بضرورة ، يكون للحزب الذي يحصل على أغلبية في البرلمان الحق في تشكيل الحكومة المقبلة معترفا بصواب وجهة نظر المجلس العسكري في أن يكون المجلس باعتباره السلطة التنفيذية وبناء على ما جاء في الإعلان الدستوري ، أن يكون للمجلس العسكري الذي يملك سلطان رئيس الجمهورية الحق في تشكيل الحكومة القادمة ، وفسر كلامه السابق بأنه يقصد ضرورة التعاون بين الجهات مجتمعة ، كما عرض في نفس البرنامج إجابات حول أسئلة بعينها لا سيما السياحة والفن فأجاب إنهم يدعمون الفن الهادف وذكر بأن هناك أفلام آثرت في حياة الشعوب وذكر تحديدا فيلم " الرصاصة لا تزال في جيبي " وأكد على ا ن اغاني كتلك التي تغنى بها عبد الوهاب كان تؤثر في الوجدان ، وطمأن الجميع بأن من يغير هو الشعب وليس الأخوان فلا داعي للقلق .
وفي نفس الاتجاه كان التيار السلفي يطمأن الشعب هو الآخر وظهر المتحدث باسمه في مداخله على قناة سي بي سي مع خيري وضياء رشوان يجيب عن أسئلة تسبب قلقا لدى الشارع المصري وتحدث عن مشروعية قيادة المرأة للسيارة وان زوجات الأخوان والسلفين يقدن السيارة ولا ضير في ذلك وان السياحة لا يشترط لها الخمر والمايوه وانه يملك البدائل واتفق معه على مناظرة مع احد المهتمين بالسياحة كل يعرض وجه نظره .
سقطت جميلة إسماعيل مطلقة أيمن نور أول من رشح نفسه ضد الرئيس السابق ، والذي استبعد من الترشح للرئاسة هذه المرة بسبب سجنه في قضية تزوير توكيلات حزب الغد ، وصبت جميلة جم غضبها على الإسلاميين بسبب استخدامهم الدين في السياسة ، وكذا فعلا جورج إسحاق مؤسس حركة كفاية والذي دافع عن الإخوان سابقا ، ونجح مصطفى بكري وعمرو حمزاوي وآخرون بينما كانت الإعادة مصير عدد كبير من الدوائر .
وبينما كان الجدل مازال مستمرا كانت القاهرة رغم برودة الجو والأمطار التي تتساقط من حين لآخر مصدرا للأخبار الساخنة التي تتداول عبر الفضائيات ووكالات الأنباء العالمية .
مصر تنتخب .. السبت 03-12-2011
لا جديد يذكر اليوم سوى :
تعذر تشكيل حكومة الجنزوري لإعتراضات على بعض المرشحين للوزارة وعلى رأسهم أسامة هيكل وزير الإعلام ، وما تردد عن الأسماء التي رشحت لوزارة الداخلية .
بدأت تصريحات الإسلاميين تلقي بظلالها على المشهد المصري و تصيب الذعر في شرائح شتى من المجتمع  .
فوز منتخب مصر الأولمبي على نظيره الجنوب إفريقي بهدفين نظيفين ليصعد لملاقاة منتخب المغرب في ربع نهائي التصفيات الأفريقية المؤهلة للاولمبياد .
( ومازالت الثورة مستمرة )