السبت، 3 أغسطس 2013

السعودية.. الوجه الآخر | محمد صالح رجب | بوابة الأسبوع

السعودية.. الوجه الآخر | محمد صالح رجب | بوابة الأسبوع
https://www.masress.com/elaosboa/95195
السعودية.. الوجه الآخر
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 02 - 08 - 2013

العلاقة المصرية السعودية ظلت حجر الزاوية في البناء العربي ورمانة الميزان في نظام إقليمي مستقر وشهدت هذه العلاقات تطورا كبيرا منذ بناء الدولة السعودية الحديثة في عام 1902 وحتي وقتنا هذا ، وحرص قادة البلدين علي مدار تلك الحقبة علي نجاح واستقرار وتعظيم تلك العلاقة، وحتي في الفترات التي شابتها بعض الشوائب واختلافات الرأي حرص قادة البلدين أن يظل الخلاف عند مستوي معين كخط أحمر لا يتعداه، وإذا كان المصريون قد ساهموا بشكل كبير في بناء وإعمار المملكة فإن المملكة قد قدمت مساعدات كبيرة لمصر في ظروف دقيقة مرت عليها، ولعل من أبرزها ما قدمته المملكة إبان أزمة تمويل السد العالي حيث منحت مصر 100 مليون دولار، كما كان لها دورا ماديا ومعنويا في حرب أكتوبر وموقف الملك فيصل رحمه الله وسلاح البترول الذي استخدمه في تلك الحرب ضد كل من لا يدعم الموقف العربي، وحتي في زمن مبارك تعرضت مصر لأزمات مادية عديدة وكانت السعودية دائما حاضرة دون أن تعلن وتمن علي المصريين بذلك، وعندما سقط مبارك ورغم تعاطف كثير من السعوديين مسئولين ومواطنين مع الرجل من باب ارحموا عزيز قوم ذل و بسبب كبر سنه، وخشية علي مصر ذاتها من الوقوع في الفوضي، فإنها لم تتدخل في الشأن المصري واحترمت خيارات وإرادة الشعب ودعمت الثورة وأعلنت عن حزمة مساعدات ووصل بالفعل عدة ملايين من الدولارات إلي مصر، وأودعت السعودية مبلغ مليار دولار في البنك المركزي المصري في 2 يونيو من العام 2012 وقامت بتحويل 500 مليون دولار لشراء سندات خزانة مصرية في 4 يونيو من نفس العام ولم تنقطع الاستثمارات السعودية ولم تنخفض وبلغ حجم الاستثمارات السعودية في مصر نحو 27 مليار دولار خلال عام 2012، وفقًا لتقديرات 'مجلس الأعمال المصري – السعودي. 
و حتي عندما تطاول عليها البعض من خلال التعرض لسفارتها في القاهرة بسبب قضية الناشط الحقوقي ' احمد الجيزاوي ' الذي ألقي القبض عليه بمطار الملك عبد العزيز بجده وبحوزته كمية من الأقراص المخدرة، لم تتشنج وإنما تعاملت مع القضية بهدوء وحكمة وسحبت السفير للتشاور كنقطة نظام و رسالة موجه لمن بهمه الأمر في مصر، ثم سرعان ما أعادته بعد زيارة بعض الشخصيات العامة للرياض ولم تتمادي في ذلك.
وفي ثورة مصر الثانية في 30 يونيو، بادرت السعودية بالإعلان مرة أخري عن انحيازها إلي خيارات الشعب المصري، ووقفت في ظهر الشعب المصري ومن خلفه قواته المسلحة داعمة لهما لإعادة الاستقرار إلي مصر بعد أن شعرت بحسها القومي أن مصر وصلت إلي حافة الفوضي وأوشكت أن تدخل مستنقع الاقتتال الداخلي، في وقت ظلت القوي الإقليمية تنتظر ما سيحدث علي الأرض لتحديد موقفها.
ورغم أن السعودية تمتلك من الأدوات الكثير ماديا وإعلاميا ودينيا ورصيدا ضخما من العلاقات الدولية التي يمكن أن تسخرها لتثبيت مناطق نفوذ لها علي الأرض في مصر وخلق لوبي تستخدمه وقتما تشاء كما فعل البعض، إلا أنها لم تفعل ذلك لأنها تعلم قدر وقيمة مصر لذا فإنها تتعامل مع مصر الشريك من منطلق الاحترام المتبادل، ومن منطلق حب لهذا الشعب الذي ساهم كثيرا في نهضة المملكة وإعمارها والذي تستضيف علي أراضيها ما يزيد عن 2 مليون مواطن منه.
اقول هذا الكلام لأننا بدأنا نسمع هذه الأيام بعض الأصوات النشاز التي تطال من السعودية بعد وقفتها الجريئة مع مصر بغية إثنائها عن مساندة الشعب المصري، هذه الأصوات هي نفسها التي راهنت علي قطر، ولم تعلم ان سبب فشلها أنها راهنت علي المعدن الردئ والوجه القبيح المستغل الذي يتاجر بكل شئ لتحقيق مصالح ضيقة بأي ثمن وبأي وسيلة ولو علي حساب الأمن القومي المصري ودماء المصريين، لم يردعهم رادع لا ديني ولا أخلاقي ولا اعتبار عندهم إلا تنفث الكراهية والحقد الذي جثم علي صدورهم تجاه مصر وشعبها، هؤلاء الذين ارادوا ان يشتروا تاريخا علي حساب مصر وظنوا أن المال وحده يمكن أن يصنع تاريخا.
وإذا كانت قطر تحديدا تمثل الوجه الردئ للعروبة، فإن السعودية هي وجه العروبة الآخر الذي يمثل الوجه العربي الأصيل الذي يدعم ولا ينتظر، الذي يعطي بلا مقابل، الذي يبذل ولا يعلن ولا يتبع العطاء بمن ولا أذي.
في بلاد الحرمين يطلقون علي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لقبين أحدهما: فارس العروبة، والثاني: ملك الإنسانية، وكلاهما ينصهران ليشكلا ملامح الرجل حيث الوجه العربي الأصيل ونبل الفارس الإنسان ومن خلفه تقف أمه بحجم السعودية تعلي المبادئ والقيم وتترفع عن المصالح الضيقة.
اتوقع في الأيام القليلة القادمة ان تقوم السعودية بدعم معنوي اخر لمصر من خلال زيارة مسئول سعودي كبيرلمصر لتخفيف الضغط الدولي عن القيادة المصرية الجديدة وجيشها العظيم، وإرسال رسالة للعالم كله ان السعودية الي جوار شقيقتها مصر تدعم خارطة الطريق التي طالب بها شعب مصر ودعمها جيشه العظيم.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق