الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

قراءة أولية في الموقف السعودي تجاه مصر " بقلم : محمد صالح رجب "

قراءة أولية في الموقف السعودي تجاه مصر  " بقلم : محمد صالح رجب "
لاشك أن الموقف السعودي الأخير تجاه مصر ودعمه اللا محدود للإدارة الانتقالية الحالية في مصر ، تحتاج منا إلى تأمل كبير ، فالرسالة التي بين السطور يجب أن تقرأ بعناية  فائقة ، حيث أن دولة بحجم المملكة العربية السعودية  بما تملكه من إمكانيات وأدوات ، لم تكن تغامر وتُقدم على هذه الخطوة في هذا التوقيت الذي تهافتت عليه الدول الكبرى في إدانة السلطة القائمة في مصر دون أسباب قوية ومقنعة .
أكاد أزعم أن المملكة عندما اتخذت هذا الموقف لم تتخذه عبثا وأنها كانت تعلم مسبقا أنها ستكون هدفا لسهام الملامة والتشهير لاسيما من بعض القوى المحسوبة على التيار الإسلامي ، كما أن علاقتها ومصالحها مع دول عدة قد تتعرض إلى التصدع أو الفتور ، لكنها اعتبرت ذلك كله ثمنا زهيدا مقارنة بالحفاظ على دولة بحجم مصر كانت سندا وظهيرا لعالمها العربي والاسلامي لعقود طويلة خلت .
 لقد رأت المملكة أن دولة بحجم مصر تقف وحيدة  عارية حتى من غطائها العربي أمام هجمة غربية ودولية شرسة في ظل صمت عربي مطبق أشبه بصمت القبور ، بل أن إحدى  الدول العربية تتحالف مع دول الغرب الصليبية التي تكالبت في استماتة لإركاع مصر ودفعها نحو الهاوية بتأيدهم جماعة خارجة عن الصف الوطني  يقال عنها إسلامية ، ولم يعهد المسلمون على مدار تاريخهم أن يدافع عنهم الغرب إلا لمصلحة كبيرة ، فعندما دافع الغرب عن الكويت مثلا قبضوا ثمنا ماديا باهظا ،إضافة إلى تخريب دولة بحجم العراق وعمل فجوة في التوازن مع إيران الشيعية لجعل المنطقة في صراع يمكن أن يشب في أي لحظة متى أرادت تلك القوى ، وأيضا تخفيف الضغط عن الكيان الصهيوني بإزاحة الجيش العراقي عن أي مواجهة محتملة مع إسرائيل ، فالغرب عندما يتكالب على مصر إذن لن يكون بقصد المصلحة لمصر وشعبها ، هكذا قرأت السعودية الرسالة  في اعتقادي ، أما كيف قرأنا نحن الرسالة السعودية ، فأعتقد أننا قرأنها من زاويتين ، الأولى : : أن السعودية وهي رائدة العمل الإسلامي وواحدة من أهم رموزه والتي تطبق شرع الله ، والتي لا مجال للمزايدة عليها إسلاميا ، هي من تقف في وجه جماعة الإخوان التي تصف نفسها بالمسلمين لتقول ضمنا أن هذا ليس صحيح الإسلام ، فالإسلام ليس دين فرقة ولا دين حرق وهدم واعتداء وتشويه وسب ولعن ، إنما دين وحدة ودين إنتاج وعطاء وإنكار ذات  ودعوة إلى الله بالحسنى .
الثانية : أن الموقف السعودي جاء في وقت تتوالى فيه المواقف العالمية المنددة والمتجنية على مصر فجاء الموقف السعودي كنقطة نظام ، وليضع حدا لسلسلة المواقف المتدحرجة ككرة الثلج ، ولتعطي أصحاب هذه المواقف وقتا للتفكير ، ليقرؤا رسالة مفادها أن مصالحكم الكبيرة مع السعودية في خطر لو تماديتم في هذا الأمر ، فالسعودية لن تسمح بانهيار مصر .
أعتقد أن الموقف السعودي الداعم للإدارة الانتقالية الحالية وخارطة الطريق الموضوعة سيشجع دولا أخرى عديدة كانت مترددة للحذو مثلها والسير على خطاها ، كما سيحد ولا شك من سلسلة الإدانات المتوالية للقيادة المصرية الحالية أو على الأقل سيحيد مواقف بعض الدول ويجعلها أكثر اتزانا .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق