ليتوقف هؤلاء احتراما لدماء الشهداء " بقلم : محمد صالح رجب "
عملية الواحات الأخيرة والتي راح ضحيتها حوالي 16 من خيرة أبناء مصر،
أظهرت عوراتنا وما أكثرها هذه الأيام، الحروب هي فترات استثنائية في تاريخ الشعوب،
وفي تلك الفترات تُسخر كل الإمكانات لخدمة المجهود الحربي، ويتنازل الناس مؤقتا عن
بعض من حقوقهم، وتنحى الخلافات جانبا، وتؤجل المطالبات الفئوية، وتغلب المصلحة
العامة، ويتبارى الناس في تقديم العون لصالح المجهود الحربي، هي ـ إذن ـ فترة
استثنائية لها قوانينها وأعرافها الاستثنائية، لكن في مصر ورغم أن الجميع يعلم
أننا في حالة حرب حقيقية، بل ومفصلية، إلا أن حالة من اللاوعي تضرب بكثير من الناس
ومن بينهم وللأسف الشديد إعلاميين ومثقفين، ظننا خطأ أنهم سيقودون الناس في رحلة
توعية وتهيئة لمعركة كهذه، فإذا بهم نقطة ضعفنا، إن أحد أهم أزمات مصر في سنواتها
الأخيرة هي تلك النخبة وأقصد بها من يتصدرون المشهد، فعلى مدار السنوات القليلة
الماضية كانت "نكبتنا في نخبتنا"، بعد أن علا صوت الأنا واقتتل أفرادها
على المناصب وحب الظهور والمصالح الضيقة على حساب المصلحة العامة، وفي حادثة
الواحات الأخيرة لم يردعهم هذا الجرح النازف ولا تلك الدماء الطاهرة، بل كعادتهم
انتصروا لذواتهم ولمصالحهم الضيقة ودخل بعضهم في تصفية حسابات مع النظام على حساب
وطن ، رأينا الشماتة في كلمات البعض، رأينا متنطعين، وآكلين على جثث الوطن، رأينا
منافقين وأفاقين، رأينا انهيارا أخلاقيا ومهنيا لدى البعض.. إلى متى هذا السقوط؟
إلى متى الاستهانة بتلك الدماء الطاهرة التي ما خرجت إلا من أجل هذا البلد، حادث
الواحات لن يكون الأخير وستسقط دماء طاهرة أخرى تروي ظمأ هذا البلد العظيم للأمن
والحرية والتقدم، غض الطرف عن سلوك هؤلاء وعدم ردعهم سيزيد من تكلفة تلك الحرب
وفاتورة الدماء المدفوعة، آن الأوان أن نضع النقاط فوق الحروف، ونطالب هؤلاء
بالتوقف، بالصمت، بالتنحي جانبا احتراما لتلك الدماء الزكية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق