الثلاثاء، 9 يناير 2018

شئ من الحقوق - قصة قصيرة - محمد صالح رجب


http://ahwalelbelad.com/news/227284.html

شئ من الحقوق - قصة قصيرة - محمد صالح رجب



ذات ليلة استيقظ على صوت نحيب يترامى إلى مسامعه ، استرق السمع .. التفت إلى زوجته ، كانت تبدو نائمة .. نزع عنه غطاءه ، ونهض من فراشه يتلمس مصدر الصوت .. يتزايد الصوت كلما اقترب من غرفة أمه ، طرق الباب برفق ، سكت النحيب ، انتظر لحظات ثم أعاد الطرق .. لا مجيب ..
فتح الباب بهدوء ، اقترب من مخدعها على حذر ، كانت ترقد في سكينة ، خشي أن يوقظها ، وانصرف على أطراف أصابعه وأغلق الباب خلفه ، وهو يقنع نفسه ربما هُيئ له أو أن الجيران هم مصدر الصوت ، فغرفة أمه تطل على مسقط البيت .
عاد إلى غرفته فإذا بزوجته في انتظاره متجهمة الوجه مكشرة عن أنيابها تضع يدها على خاصرتها كاسرة رجلها قليلا ، ينطلق الشرر من عينيها ، بادرته :
- مؤكد أنك كنت لديها ؟
- وماذا في ذلك ؟
- وطبعا اشتكت لك ؟!
لم تعطه فرصة الإجابة واستطردت :
- ولم تقل لك لماذا فعلتُ ذلك؟ زاد صمته رغبة في التعرف على ما فعلت ..
هي من بدأت .. هي التي رفضت أن أتخلص من كنبتها العتيقة التي تشوه منظر الصالة ، كما رفضت أن انقلها إلى غرفتها بحجة أنها تزيد غرفتها ضيقا .. وانهالت عليّ بالسباب ، وراحت تردد بصوت عال يسمعه القاصي والداني أنني من أغويتك وجعلتك تخرج عن طوعها وتتزوج مني رغما عنها .. كان عليها أن تعلم أن من حقي أن أغير في الشقة ما أشاء .. ومن حقي أن أتنفس دون أن يكتم أحد على أنفاسي ، من حقي أن أعيش باستقلال مع زوجي ، من حقي أتكلم معك بصوت عال كما أشاء ، دون أن أخاف أن يسمعني أحد .. كل حركاتي مرصودة .. من حقي أن ارتدى ما أشاء من ملابس ، إني أخشى أن ارتدي قميصا مزركشا خوفا من نظراتها ، أخشى أن أقول لك كلمة حب حياء منها ، اشعر أنها تحول أيضا بينك وبين كلمة حب تتصدق بها علي .. من حقي أن أقول لها اتركينا وشأننا ، ارحلي عنا ، لماذا تتشبثين بالدنيا هكذا ؟ أخذتِ زمانَكِ فاتركي لنا زمننا نحيا فيه بحرية.. هذا كل ما قلته لها ؟ لم أرتكب جرما وأنا أدافع عن حقوقي في حياة مستقلة مع زوجي ؟
رمقها للحظات ، كظم غيظه .. عاد سريعا إلى غرفة أمه ، طرق الباب ، دخل بحذر ، اتكأ بمرفقيه على سريرها أمسك بيدها ، كانت باردة ، وضعها بين كفيه ، وراح يمسح عليها ويقبلها .. 
وفي الصباح كانت جثة أمه تُغَسل وتُجَهز ، بينما نسوة اتشحن بالسواد يهمسن : معه حق .. كله إلا أمه ، أصلها تعبت معه قوى بعد وفاة أبيه ، وترد أخريات ، هذا بطر رجاله ، ماذا فعلت لكي يرمي عليها يمين الطلاق ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق