مصر ـ أوكرانيا ..هل من رابط ؟ "بقلم
: محمد صالح رجب"
ثمة تشابه لا تخطئه العين بين ما يجري في أوكرانيا وبين
ما حدث في دول عدة من بينها مصر ،حتى بدت كييف مؤخرا كما لو كانت القاهرة وميدان الاستقلال
كما لو كان التحرير، الشعارات ذاتها ، والهدف إسقاط النظام ، الوسائل تتشابه ، قطع
طرق ومحاصرة مبان حكومية ، والدفع باتجاه العنف وإعطاء ذريعة لقوى خارجية للتدخل
والتنديد بقمع السلطات للمتظاهرين وإظهار النظام كما لو كان نظاما رجعيا لا يحترم
الحريات ..
الوسائل والأهداف واحدة وإن اختلفت البدايات ، في مصر
كانت البداية الاعتراض على ممارسات الداخلية التي قيل وقتها أنها " قمعية
" وتطور الأمر إلى إسقاط النظام وسط دعم خارجي يثير الريبة.
و في أوكرانيا كانت البداية الاعتراض على رفض الحكومة توقيع
اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوربي خلال القمة الأوروبية التي عُقدت مؤخرا في العاصمة
الليتوانية فيلنيوس ،مما أدى إلى هذه المظاهرات التي تطورت بدعم خارجي يثير الشكوك أيضا ، حتى وصلت إلى إسقاط النظام .
وإذا كانت الوسائل والأهداف واحدة فهناك أيضا رابط يجمع بين هذه الأحداث ألا وهو العنصر الخارجي ،
وفي كل الحالات يتدخل هذا العنصر بزعم دعم حقوق الإنسان في تلك البلاد ، لكن
المعايير المزدوجة المستخدمة من قبل هذه القوى،تكشف أن الأمر لا يعدو أن يكون
صراعا على المصالح تُستخدم فيه كل الأسلحة بما فيها الدين وحقوق الإنسان .
فلا يمكن فهم دعم الغرب للمتظاهرين ضد نظام منتخب في
أوكرانيا في حين غاب هذا الدعم لمظاهرات مشابهه في اليونان واسبانيا ،أيضا لا يمكن
فهم دعم الغرب لجماعات متشددة هي ابعد ما يكون عن الديمقراطية بحجة دعم
الديمقراطية وحماية الحريات في حين تقاتلهم في مواطن أخرى بزعم أنهم إرهابيون ؟ لا
يمكن لنا أن نفهم صمت هذه القوى بل وتبرير انتهاكات إسرائيل الجسيمة لحقوق الإنسان
،لا يمكن لنا أن نفهم هذه الأشياء وغيرها بعيدا عن منطق المصلحة البحتة .
هذا التحليل يقودنا إلى البحث عن المستفيد ، صاحب المصلحة
من جراء هذه الأحداث: أهي حقا الشعوب أم قوى أخرى تستغل حاجة وتطلعات الشعوب وفساد
الأنظمة لتحقيق مصالحها الخاصة ؟ وإذا كانت الشعوب هي صاحبة المصلحة ، فليخبرنا الغرب
عن المصلحة التي جنتها شعوب دول مثل العراق وأفغانستان من جراء تدخلهم في تلك
الدول !
إن التشابه الكبير في هذه الأحداث والأهمية البالغة للدول
التي حدثت فيها تثير مزيدا من الريبة حول دور العنصر الخارجي فيها وتدحض فكرة أن
تكون محض صدفة وتعضد الرأي القائل أن الأمر مخطط له بعناية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق