الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

أردوغان الذي لم نعرفه "بقلم : محمد صالح رجب "

أردوغان الذي لم نعرفه  "بقلم : محمد صالح رجب "

هللنا كثيرا لأردوغان في مناسبات عدة ، وقتها لم نكن نعرف الرجل جيدا ، لم نكن نعرف أن انتفاضته في وجه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز وإدارة منتدى دافوس في يناير 2009 انتفاضة لحماس لا لفلسطين ، لم نكن نعرف أن أسطول الحرية الموجه إلى غزة في مايو 2010  وما أعقبه من مواقف كان أيضا لنصرة حماس وليس نصرة لأهلنا في غزة ، لم نكن نعرف أن موقف أردوغان من الثورة على الرئيس الأسبق مبارك ومناشدته له بالإنصات إلى شعبه كانت نصرة للعشيرة وليست لمصر ، لم نكن نعلم أن زيارة أردوغان  لمصر عقب ثورة يناير ودعمه لنظام محمد مرسي نصرة للإخوان وليس من أجل عيون الشعب المصري.
لكن بدأنا نعرف بعد أن ثار الشعب ضد الإخوان ،عندما لم يدع "أردوغان" مرسي للإنصات إلى شعبه ، كما فعل مع مبارك ، واعترض على مساندة الجيش للشعب في 30 يونيو وسماه انقلابا ولم يعترض على ذات التصرف إبان ثورة 25 يناير وسماها ثورة ، بدأنا نعرف عندما سمح أردوغان لنفسه بالتدخل في شئون مصر بشكل سافر ، ونصب نفسه واليا على مصر وطرفا أصيلا في الأحداث ، بدأنا نعرف الرجل جيدا ونعرف أنه لم ينتصر مرة واحدة لمصر ولا لقضايا الأمة ، إنما انتصر للعصبية ، انتصر للأهل والعشيرة ، انتصر للإخوان في مصر وغزة على حساب المصالح العليا لمصر والأمتين العربية والإسلامية .
لكن لعنة الفراعنة التي أصابت كل من تطاول على مصر من قبل أبت أن تستثني أردوغان ، فبدأت حقيقة الرجل تتكشف أيضا إلى شعبه والعالم ، فأردوغان  الذي بني حملاته الانتخابية على محاربة الفساد لن يتباهى من ألان فصاعد بأن حزبه وحده لم يلوث  بقضايا فساد بعد زلزال الفساد الذي ضرب أركان حكمه بأسرع مما كنا نتصور، حيث بدأت الملاحقات القضائية للمحسوبين علي نظامه كما  طالت ابنه بلال الذي استُدعي للتحقيق معه رغم كل الضغوط التي مورست على القضاء التركي والتي أجبرت معمر أكاش وهو احد المحققين في هذه القضايا إلى تقديم استقالته على خلفية  رفض الشرطة التركية توقيف 30 شخصية محسوبة على أردوغان ونظامه .
وعبثا حاول أردوغان التغطية على قضايا الفساد هذه أو حتى إيقاف أثرها المتضخم ككرة الثلج لا سيما بعد فض تحالف أردوغان-غولن، وقرب الانتخابية البلدية والرئاسية المقررة في تركيا عام 2014 ، فلم تفلح التعديلات الوزارية التي أجراها ولا محاولة الزج بالعنصر الخارجي وأصابعه التي تعبث في استقرار وأمن تركيا ، ولا حتى محاولة حشد مؤيديه ، لم تفلح كل محاولاته في لملمة الأمر وتهدئة الشارع ، بل على العكس خرجت مظاهرات حاشدة ضد أردوغان وحزبه وانخفضت الثقة في الاقتصاد التركي وتراجع المؤشر الرئيسي في بورصة اسطنبول وتراجعت الليرة التركية رغم تدخل البنك المركزي إلى 1.1515 في أدني مستوى لها مقابل الدولار الأمريكي .
لقد تهاوت أو أوشكت صورة الرجل في العالم والأهم في نفوس شعبه ، بعد أن زال عنه القناع وعرف الناس حقيقته، ولم يبق له إلا الأهل والعشيرة يحاول حشدهم والتنقل بهم من مكان إلى آخر للحفاظ على وجود ما في الخريطة السياسية التي استأثر منفردا بها وحزبه على مدار 11 عاما خلت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق