الأربعاء، 1 يناير 2014

أردوغان الذي لم نعرفه | محمد صالح رجب | بوابة الأسبوع

أردوغان الذي لم نعرفه | محمد صالح رجب | بوابة الأسبوع
أردوغان الذي لم نعرفه https://www.masress.com/elaosboa/127509
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 02 - 01 - 2014

هللنا كثيرا لأردوغان في مناسبات عدة، وقتها لم نكن نعرف الرجل جيدا، لم نكن نعرف أن انتفاضته في وجه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز وإدارة منتدي دافوس في يناير 2009 انتفاضة لحماس لا لفلسطين، لم نكن نعرف أن أسطول الحرية الموجه إلي غزة في مايو 2010 وما أعقبه من مواقف كان أيضا لنصرة حماس وليس نصرة لأهلنا في غزة، لم نكن نعرف أن موقف أردوغان من الثورة علي الرئيس الأسبق مبارك ومناشدته له بالإنصات إلي شعبه كانت نصرة للعشيرة وليست لمصر، لم نكن نعلم أن زيارة أردوغان لمصر عقب ثورة يناير ودعمه لنظام محمد مرسي نصرة للإخوان وليس من أجل عيون الشعب المصري. 
لكن بدأنا نعرف بعد أن ثار الشعب ضد الإخوان، عندما لم يدع 'أردوغان' مرسي للإنصات إلي شعبه، كما فعل مع مبارك، واعترض علي مساندة الجيش للشعب في 30 يونيو وسماه انقلابا ولم يعترض علي ذات التصرف إبان ثورة 25 يناير وسماها ثورة، بدأنا نعرف عندما سمح أردوغان لنفسه بالتدخل في شئون مصر بشكل سافر، ونصب نفسه واليا علي مصر وطرفا أصيلا في الأحداث، بدأنا نعرف الرجل جيدا ونعرف أنه لم ينتصر مرة واحدة لمصر ولا لقضايا الأمة، إنما انتصر للعصبية، انتصر للأهل والعشيرة، انتصر للإخوان في مصر وغزة علي حساب المصالح العليا لمصر والأمتين العربية والإسلامية.
لكن لعنة الفراعنة التي أصابت كل من تطاول علي مصر من قبل أبت أن تستثني أردوغان، فبدأت حقيقة الرجل تتكشف أيضا إلي شعبه والعالم، فأردوغان الذي بني حملاته الانتخابية علي محاربة الفساد لن يتباهي من ألان فصاعد بأن حزبه وحده لم يلوث بقضايا فساد بعد زلزال الفساد الذي ضرب أركان حكمه بأسرع مما كنا نتصور، حيث بدأت الملاحقات القضائية للمحسوبين علي نظامه كما طالت ابنه بلال الذي استُدعي للتحقيق معه رغم كل الضغوط التي مورست علي القضاء التركي والتي أجبرت معمر أكاش وهو احد المحققين في هذه القضايا إلي تقديم استقالته علي خلفية رفض الشرطة التركية توقيف 30 شخصية محسوبة علي أردوغان ونظامه.
وعبثا حاول أردوغان التغطية علي قضايا الفساد هذه أو حتي إيقاف أثرها المتضخم ككرة الثلج لا سيما بعد فض تحالف أردوغان-غولن، وقرب الانتخابية البلدية والرئاسية المقررة في تركيا عام 2014، فلم تفلح التعديلات الوزارية التي أجراها ولا محاولة الزج بالعنصر الخارجي وأصابعه التي تعبث في استقرار وأمن تركيا، ولا حتي محاولة حشد مؤيديه، لم تفلح كل محاولاته في لملمة الأمر وتهدئة الشارع، بل علي العكس خرجت مظاهرات حاشدة ضد أردوغان وحزبه وانخفضت الثقة في الاقتصاد التركي وتراجع المؤشر الرئيسي في بورصة اسطنبول وتراجعت الليرة التركية رغم تدخل البنك المركزي إلي 1.1515 في أدني مستوي لها مقابل الدولار الأمريكي.
لقد تهاوت أو أوشكت صورة الرجل في العالم والأهم في نفوس شعبه، بعد أن زال عنه القناع وعرف الناس حقيقته، ولم يبق له إلا الأهل والعشيرة يحاول حشدهم والتنقل بهم من مكان إلي آخر للحفاظ علي وجود ما في الخريطة السياسية التي استأثر منفردا بها وحزبه علي مدار 11 عاما خلت.
وقديما قالوا هيبة الحاكم
اذا أراد الله اسقاط حاكم نزع مهابته من قلوب الناس
إن قضايا الفساد التي كشفت وعرت أردوغان ونظامه أمام الشعب التركي ككرة الثلج مرشحة للتضخم، لا سيما مع فض التحالف بين أردوغان - غولن، ومع قرب الاستحقاقات الانتخابية البلدية والرئاسية المقررة في تركيا 2014، رغم محاولات أردوغان الحثيثة للتغطية عليها وإيقاف أثارها بالتعديلات الوزارية وبالزج بالعنصر الخارجي وأصابعه التي تعبث باستقرار تركيا.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق