السبت، 25 يناير 2014

جنيف 2 وآفاق الحل في سوريا | محمد صالح رجب | بوابة الأسبوع

جنيف 2 وآفاق الحل في سوريا | محمد صالح رجب | بوابة الأسبوعhttps://www.masress.com/elaosboa/132824

جنيف 2 وآفاق الحل في سوريا

محمد صالح رجب نشر في الأسبوع أونلاين يوم 26 - 01 - 2014

في مؤتمر جنيف 2 والذي استضافته مدينة مونترو في سويسرا مؤخرا والذي حضرته قوي المعارضة إلي جانب الحكومة السورية و 26 دولة أخري، إضافة إلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، رأي العالم كيف أصبحت سوريا ساحة لتجاذبات ومصالح قوي عديدة، هذا المؤتمر هو انعكاس للحالة السورية علي أرض الواقع، فلم يعد طرفا بعينه يمتلك وحده اليد الطولي في الأزمة السورية، وكما هو واضح لن يستطيع أيا من الفرقاء أن يهزم الآخرين بالضربة القاضية، وأن أيا منهم لن يحصل علي الأغلبية، والضحية ولا شك هو الشعب السوري الذي يُذبح يوميا ويٌشرد ويتسول قوت يومه.. 
هذا الاجتماع كما عبر الوزير نبيل فهمي كشف عن الهوة الشاسعة بين طرفي الأزمة الرئيسيين، سواء من السوريين أنفسهم أو مؤيديهم من دول العالم، هذا الخلاف ظهر حتي علي مرجعية المؤتمر، ففي حين أكد أغلب الحضور علي أن المرجعية تبقي جنيف 1 وما انتهت إليه من قرارات أهمها تشكيل حكومة انتقالية تملك كامل الصلاحيات التنفيذية، علي أن تضم أعضاء في الحكومة الحالية والمعارضة، و تُشكل بالتفاهم المتبادل بين الأطراف. وبما يعنيه هذا من انعدام أي دور سياسي للأسد مستقبلا، تري الحكومة السورية أن المرجعية التي جاءت إلي المؤتمر بناء عليها وكما هو متفق عليه مع الجانب الروسي هي محاربة الإرهاب، باعتبار أنها تقاتل الإرهابيين نيابة عن العالم، أما الخلاف السوري فمحله مفاوضات مباشرة تُجري داخل سوريا مع من أسمتهم المعارضة الحقيقية وليس الإرهابيين، وردا علي تصريحات كيري حول شرعية الأسد التي فقدها، أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن الشعب السوري وحده صاحب الحق في منح أو نزع تلك الشرعية.
إن الحالة السورية أصبحت عبئا إنسانيا علي المجتمع الدولي لا سيما دولا بعينها ليست بعيدة عن الشعب السوري، تتألم لجراحة، ويعول عليها السوريون كثيرا، كما أنها أصبحت عبئا ماديا أيضا لا سيما علي دول باتت تئن تحت وطأة متطلبات نازحيه، تلك الدول عبرت صراحة عن صدمتها من فشل الأسرة الدولية متمثلة في الأمم المتحدة في وضع نهاية لمعاناة الشعب السوري، وهذه الدول تخشي من طول أمد تلك الأزمة أكثر من ذلك لا سيما بعد دخول متطرفي القاعدة برعاية دول مناهضة للأسد مما أدي إلي خلط الأوراق، وتراجع التعاطف الدولي بدرجة أو بأخري مع المعارضة السورية .
إن مجرد اجتماع الطرفين علي طاولة واحدة برعاية دولية هو بحد ذاته اعترافا بالطرفين كقوي فاعلة علي الأرض وما يتبعها من حصول كل منهما علي تنازلات من الآخر، كل حسب وزنه علي الأرض إن أردنا حل الأزمة سياسيا، فما هي التنازلات التي يمكن أن تقدمها جبهة المعارضة لنظام الأسد ليتخلي عن الحكم؟ هل يمكن أن تضمن للأسد ونظامه خروجا آمنا؟
اعتقد أن أمرا كهذا هو أمر عسير، يصعب تقديمه في ظل الانتهاكات التي قام بها نظام الأسد، كما أنه لا يمكن للأسد أن يتراجع من تلقاء نفسه وهو يعلم أن تراجعه يعني نهايته، وبالتالي يصعب الحديث عن حل سياسي للأزمة علي الأقل في الأجل المنظور. شأنه في ذلك شأن الحل العسكري الذي تراجع هو الآخر بسبب إنهاك الفريقين وعدم قدرة أيا منهما علي حسم الصراع بمفرده، ناهيك عن عدم رغبة المجتمع الدولي في التورط في صراع عسكري آخر بالمنطقة، وحصول الولايات المتحدة، علي ما أرادات فيما يتعلق بالأسلحة الكيماوية.
وبناء عليه أعتقد أن الإيجابية الأهم لمؤتمر جنيف 2 هي جمع الطرفين لساعات طويلة تحت سقف واحد، عدا عن ذلك يبدوا أننا في حاجة إلي جنيف مائة لحل تلك الأزمة المستعصية في ظل تمسك كل الأطراف بمواقفها دون اختراق حقيقي للأزمة وتقديم تنازلات مؤلمة تضع حدا لمعاناة الشعب السوري.
 

بوابة روز اليوسف - 25 يناير ورهانات الإخوان الخاسرة "

بوابة روز اليوسف - 25 يناير ورهانات الإخوان الخاسرة "

عقب عزل الرئيس مرسي من منصبه وحتى الآن خسر الإخوان كل الرهانات التي راهنوا عليها ، فقد راهنوا على عودة المعزول مرات عدة ، راهنوا على إحداث وقيعة بين الشعب وقواه الأمنية في ذكرى محمد محمود وماسبيرو ، راهنوا على إفساد فرحة الشعب وكسر كبرياء الجيش في ذكرى نصر أكتوبر ، راهنوا على تعطيل الاستفتاء ومنع الناس من الذهاب للإدلاء بأصواتهم ،وفي كل مرة كان الفشل حليفهم ..

الخميس، 23 يناير 2014

قراءة في قصة ( في جنح الليل ) للقاص : محمد صالح رجب


قراءة في قصة ( في جنح الليل ) للقاص : محمد صالح رجب

نص جديد للقاص المصري" محمد صالح رجب "يحمل عنوان" في جنح الليل" .. تدور أحداث القصة في جنح الليل وتحت ستره وما أدراك ما الليل وما يمكن أن يحدث تحت ستره ؟ ، لقد سعى الكاتب إلى الهدف من القصة مباشرة منذ الوهلة الأولى " يأبى الليل إلا أن يستر أناته " لقد أطلق رصاصة تشق الطريق إلى هدفها من أول عبارة في النص بل بداية من العنوان " في جنح الليل" وهي نفس العبارة التي اختتم به نصه في إشارة إلى استمرارية ما يحدث في جنح الليل وكأنها حلقة غير منتهية .
( يأبي الليل ألا أن يستر أناته) افتتاحية تطرح أكثر من تساؤل : من هو الذي يئن ؟ ولماذا ؟ ولماذا الإصرار على طمس تلك الأنات وما هي القوى الضاغطة القادرة والمصرة على طمس حتى مظهر التنفيس عن الألم "الأنات " ، وهل كان الليل أداة رحمة أم أداة للإخفاء والطمس ومزيدا من ألأنات .. أسئلة عديدة يضعها الكاتب أمام المتلقي منذ اللحظة الأولى لولوجه النص ..ثم يتصاعد تدريجيا في محاولة لمشاركته في البحث عن إجابات لتلك الأسئلة ..
.. في جنح الليل وتحت ستره خرج صاحبنا متجها إلى عمله في هذا الجو الماطر القارص البرودة حاملا أدواته ( معطفا ، وعمامة ، ونظارة عتيقة ، ودراجة متهالكة تفنن في تجميلها وتزينها ) محاولا التغلب بهذه الأدوات المحدودة على العقبات التي تواجهه في طريقه إلى هدفه وكأننا بالكاتب وهو يحاول أن يجيب عن التساؤل الأول : من الذي يئن ؟ انه واحد من ملايين البشر المهمشين ، ولم يتوقف الكاتب كثيرا عند الشخص أو ما يدل علي جنسيته ، فهو ليس فردا بعينه في مكان بعينه .. بل ملايين المهمشين فوق كامل الأرض .. ثم ينتقل سريعا إلى تساؤله الثاني : ولماذا يئن ؟
وتأتي الإجابة على ذات السرعة : انه يئن تحت وطأة الشقاء.. مرات لم يعد يحص عددها وهو يحاول أن يخرج من جنح الليل والوصول إلى هدفه وتغير واقعه ، لكن العقبات كثيرة والإمكانيات المحدودة " .. ظلام ، مطر وريح عاصف ، طرق غير معبدة ، حفر ، ودراجة بالية أصابها العطب ، وقوى ضاغطة تطمس اثر الظلم ، وحركة هواجس كثيفة تغط على الصمت المطبق المحيط به فيما يشبه التواطؤ " كثرة العقبات ومحدودية الإمكانيات تجعل الخروج من الظلام الدامس ووضعه الهامشي إلى وسط آخر امرأ غاية في الصعوبة ، فلا زال كما هو رغم مرور كل تلك السنوات التي لم يعد يحصي عددها ، ولا زال يحمل دراجته المتهالكة ويسير في نفس الطرق الغير معبدة والحفر الموحلة ، والإنارة الضعيفة والكوبري المتهالك ..كل هذا يجعله يردد ترنيمات حزينة تتطور إلى أنات يتردد صداها طيلة كل هذه السنون علها تجد صدى في ضمائرنا .. " جسد خار تحت وطأة الشقاء ومرارة السنين ..فقر ومرض يلازمانه .. يطلق آهة يرتد صداها عبر سنوات عمره الذي تخطى الخمسين"
وهنا نجد قدرة الكاتب على تعرية ضمائرنا ليشعرنا بالمسئولية تجاه هؤلاء المهمشين ، فقد صممنا آذننا عن سماع آهاتهم ، وسمحنا لقوى ضاغطة بتكميم الأفواه ، وتغضينا الطرف عن تلك الأدوات البالية والظروف الصعبة التي هم فيها ، بل و لسنوات طويلة " وكأننا أمام غريق لم نمده بأدوات النجاة ..

وهنا نقف عند قدرة الكاتب وهو يصف مشهدا عالقا بين وسطين ..إنه مشهد الانتقال بين بيئتين مختلفتين وأدوات الربط الضعيفة بينهما ، بين طرق طينية غير معبدة تُملئ بماء المطر الموحل والتي تضطره إلى حمل دراجته التي تفنن في تزينها ..
وبين بداية الوسط الآخر( الذي يسعى إلى الوصول إليه والذي هو اكبر وأعمق من مجرد مقر عمل يسعى للوصول إليه ) بداية من الإسفلت عبر أداة ربط ضعيفة متهالكة في إشارة إلى ضعف الروابط والإمكانيات بين وسطي " بيئتي " الحدث ، وهو الكوبري المتهالك ..
ويتصاعد الحدث ويصل إلى الذروة ـ الوسط ـ عندما تصاب الدراجة " أداة الانتقال وأمل الوصول إلى الهدف " بالعطب الغير قابل للإصلاح ، ويتهدد أمله الضعيف ـ أساسا ـ بالانتقال إلى وضع أفضل مضئ ..عندها عليه أن يقدم التنازلات رغم انه لا يملك الكثير ليقدمه وما كان يعد ترفا قبل هذا لم يعد هكذا الآن ، لابد إذن من تقديم التنازلات " فما حاك جلدك مثل ظفرك " ، لن يشعر المدير وغيره بأناته فهو لم يجرب مثل هذه الظروف .. فليركب سيارة رغم أن ذلك سيؤثر سلبا على ميزانية الأسرة الضعيفة بالأساس ، لكن سائق السيارة التي رق لحاله وتوقف خيَّره في أن يترك دراجته ، حيث لا مكان لها .. فهل عليه أن يتنازل عن أداة التغير رغم بساطتها ؟! لقد استحال عليه الأمر ..وتعشم أن يجد فرصة أخرى في سيارة أخرى ، لكن الفرص لا تتكرر كثيرا لا سيما لهؤلاء المطحونين في الأرض .. ظل يمشي ويمشي ويتشبث ببصيص أمل لا زال يراوده ، لم يعد يهمه الوصول في الموعد ، فلم يعد يهتم كم من الوقت مضى ولا كم من المسافات قطع ؟ عليه أن يصل على أي حال حتى ولووصل متأخرا، أُنهِك جسده وضَعُف بصره وضل معالم الطريق ، ومع ذلك ظل يمشي ويمشي حتى تلاشى في جنح الليل ..

ورغم أن الكاتب لم يشر إلى الموت كنهاية صريحة محاولا أن يجعل منها نهاية مفتوحة تطرح أكثر من تساؤل ، ماذا حدث له ؟ هل مات ؟ هل اختفى ؟ ماذا نعني بالتلاشي والغياب ؟ ، إلا انه كان حريصا كل الحرص على إغلاق الدائرة بالربط بين النهاية والبداية باستخدام نفس العبارة " في جنح الليل " النهاية هي إذن ذاتها العنوان في إشارة إلى استمرارية المأساة ..

إن قصة " في جنح الليل " هي رؤية الكاتب لظلم المجتمع للمهمشين في الأرض وما أكثرهم ، وفي مثل هذه الموضوعات يجد الكاتب صعوبة في السيطرة على النص والخروج به بلا حشو ولا نتوءات وزوائد تشوه صورته وتجعله عسير الهضم من قبل المتلقي ، لكننا وجدنا الكاتب من خلال التحكم بأدواته وبساطة لغته متأثرا ببيئته الأصلية القروية ، وناقلا من خلال راو عليم يتدخل أحيانا ويراقب أخرى وبطريقة مكثفة ومشوقة ـ إلى حد ما ـ وجدناه يقدم رؤيته لمأساة متكررة ، من خلال انسجام متناغم بين الشخوص والبيئة والمكان والزمان ، وان عاد بنا إلى الوراء قليلا من خلال زمن اعُتُمِد فيه على الدراجة كوسيلة للمواصلات إلا انه كما يبدو كان يريد أداة بسيطة لتدلل على ضعف الإمكانيات ..

خاتمه :
ما تقدم قراءة سريعة لنص " في جنح الليل " للقاص " محمد صالح رجب " وبالتأكيد النص يحتاج إلى مزيد من التشريح إيجابا أوسلبا .

السبت، 18 يناير 2014

مصر تستعيد بهجتها في عرس الدستور | محمد صالح رجب | بوابة الأسبوع

مصر تستعيد بهجتها في عرس الدستور | محمد صالح رجب | بوابة الأسبوع
https://www.masress.com/elaosboa/131435مصر تستعيد بهجتها في عرس الدستور 
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 19 - 01 - 2014

في حفل بهيج استمر علي مدار يومين متتاليين، نفض المصريون عن كاهلهم غبار الحزن، وطردت قلبوهم قبل وجوههم الكآبة التي لازمتهم في الفترة الماضية ونزل ملايين المصريين من مختلف الأعمار، بنين وبنات، مسلمين وأقباط، إلي مقار اللجان الانتخابية للاستفتاء علي الدستور بشكله الجديد بعد التعديلات الجوهرية التي طالته، نزلوا مستبشرين خيرا، تعلو وجوههم قسمات البِشْر والأمل، فرحتهم تتخطي البسمات والضحكات إلي الزغاريد والرقصات، كل منهم يعبر عن فرحته بطريقته الخاصة، لم تمنعهم حملات التخويف الممنهجة سواء عبر قنوات أو حتي علي الأرض، تساءلت في نفسي عن سر هذه الفرحة العارمة لا سيما والأحوال علي حالها من السوء، ما الذي دفع بتلك العجوز أو هذا المسن إلي النزول رغم الأجواء التي تبدوا في ظاهرها غير ملائمة؟ ما الذي بدفع بذلك المريض أو القعيد أن يتحمل مشقة الطريق والانتظار؟ ما الذي دفع بتلك القروية أن تهجر أرضها مصدر قوتها من أجل الذهاب لتدلي بصوتها؟ وهذا العامل المسكين: ما الذي دفعه ليضحي بأجر يوم أو ساعات يخصصها للإدلاء بصوته؟ 
الأمر إذن لم يكن لمجرد التقاط صورة، أو إثبات لموقف، أو ثمن لنقود دفعت هنا أو هناك، إنما الأمر كان أكبر من ذلك بكثير، الأمر ثورة بتضحياتها الجسام خُطِفت واستخدمت للمقايضة علي وطن، إنه استشعار لخطر وجودي شعر به المواطن البسيط، فكانت هذه الانتفاضة المصحوبة بهذه الفرحة العارمة بمثابة إعلان عن فشل المخطط الذي حيك ضد مصر، كانت إعلانا لاستعادة الثورة المصرية لمسارها الصحيح، ووضع حجر الأساس لمصر الجديدة.
ومع ذلك يخطئ كل من يتصور أن الأمر قد قضي،

إنما الأمر قد ابتدأ، إنها ضربة البداية الصحيحة، وانطلاقة موفقة لقطار الثورة نحو الوصول بها إلي أهدافها، ويبقي الرهان علي الشعب المصري الذي صنع تلك الملحمة وأقام هذا العرس في الحفاظ علي ثورته ومسارها الصحيح حتي تحقق أهدافها، يبقي الرهان علي هذا الشعب الذي يمتلك كل هذا الحس الوطني و الذي بات يعلم جيدا أن الطريق لتحقيق أهداف ثورته غير معبد وملئ بالعثرات ويحتاج إلي جهد وصبر كبيرين، وأن يدا مهما علت وحدها لا تبني وطنا وإنما تبني الأوطان بالأيادي، تبني بالتعاون والتكامل.. 

الجمعة، 17 يناير 2014

مستقبل المصالحة الفلسطينية في ظل تنازلات حماس الأخيرة | محمد صالح رجب | بوابة الأسبوع



مستقبل المصالحة الفلسطينية في ظل تنازلات حماس الأخيرة | محمد صالح رجب | بوابة الأسبوع
https://www.masress.com/elaosboa/131245
مستقبل المصالحة الفلسطينية في ظل تنازلات حماس الأخيرة
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 18 - 01 - 2014

المصالحة الفلسطينية، مصطلح تردد كثيرا في السنوات القليلة الماضية، لا سيما بعد سيطرة حماس بالقوة علي قطاع غزة في يونيو 2007، هذا المصلح يخبو أحيانا ثم ما يلبث أن يعاود الظهور كلما جد جديد، والجديد هذه المرة يتعلق بهرولة حماس نحو المصالحة وتقديم تنازلات كانت ترفض تقديمها من قبل، فهل الظرف الحالي مواتي لإنجاز مثل هذه المصالحة؟ وهل هرولة حماس إلي المصالحة في هذا التوقيت بالذات موقف تكتيكي أم تدارك لأخطاء الماضي؟ 
مما لاشك فيه أن طرفي الصراع في حاجة إلي تلك المصالحة في هذا التوقيت، فعلي جبهة فتح تتعثر المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية برعاية أمريكية، ولا يوجد ما يبشر بإنجاز حل سلمي منصف في ظل الإدارة الأمريكية الحالية، والسلطة الفلسطينية بقيادة فتح تخشي أن يُفرض عليها اتفاق تتحمل وحدها تباعاته تاريخيا، كما أنها لا تحبذ حالة الركود التي أصابت القضية الفلسطينية لا سيما بعد انكفاء الدول العربية والإسلامية علي مشاكلها الداخلية وتراجع القضية الفلسطينية في سلم أولويات هذه الدول، لذا فهي في حاجة إلي هذه المفاوضات لتحريك القضية، لكنها ترغب أن تذهب إليها مدعومة بكل مكونات الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حماس.
وعلي الجانب الآخر تعاني حماس ظروفا جد قاسية لا سيما بعد أن انفرط محور إيران سوريا حزب الله، وبعد سقوط الإخوان في مصر وإغلاق الأنفاق وما قيل عن تورطها في الشأن المصري، كما أن إعلان الحكومة المصرية الحالية جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية ذاد وضع حماس سواء باعتبارها فرع للإخوان المسلمين، ناهيك عن انشغال تركيا بقضاياها الداخلية وشبه العزلة الإقليمية المفروضة علي قطر في ظل نظام جديد لم تتبلور رؤيته للمنطقة بعد.
إن المتابع لسير عملية المصالحة الفلسطينية يجد أن حماس لم تضع المصالحة كأولوية في ظل حكم الإخوان ظنا منها أنها في موقف قوة، ولكن بعد كل هذه التغيرات الحادة لم يكن أمام حماس إلا أحد خيارين، الأول: افتعال أزمة مع إسرائيل لجذب التعاطف الدولي والعربي مرة أخري ولفت الأنظار إلي الاحتلال والحصار، لكن تبعات هذا الخيار كاريثية ولن تتحملها في ظل هذه الظروف، وبالتالي لم يكن أمامها إلا الخيار الآخر ألا وهو السعي الحثيث إلي إبرام مصالحة مع الضفة الغربية، لتجد هناك ملاذا آمنا، تحتمي به من العواصف التي تضربها من كل صوب وحدب، من خلال عملها في ظل حكومة فلسطينية موسعة تشمل كافة الأطياف، مما يعطيها حرية أكبر في الحركة ويمكنها من التحايل علي قرار مصر باعتبار الإخوان جماعة إرهابية.
لذا سارعت حماس الآن وقبيل قدوم نظام حكم جديد في مصر إلي الهروب التكتيكي باتجاه الضفة لعرض المصالحة علي فتح وهي التي كانت تتلكأ من قبل فيها، بل أكثر من ذلك صرح هنيه مغازلا مصر بأن ملف المصالحة سيبقي تحت الرعاية المصرية.
التنازلات التي تقدمها حماس علي عجل الآن ما هي إلي تكتيك مرحلي لا يختلف عن أسلوب الإخوان عامة في مرحلة الضعف حيث يلجأون إلي اتفاقات مرحلية مكتوبة أو غير مكتوبة معلنة أو غير معلنة، ورغم حاجة طرفي الصراع الآن إلي تلك المصالحة ظني أنه لن تكون هناك مصالحة حقيقية دائمة في الوقت الراهن حتي لو وقع الطرفان علي ورقة المصالحة المصرية بملحقها من دون مراجعات حقيقية من جانب حماس تسفر عن موقف واضح في قضايا جوهرية من قبيل كيفية التعامل مع إسرائيل وهي التي بنت إستراتجيتها علي القضاء عليها؟ هل تقبل بالتفاوض معها؟ وعلام تتفاوض؟هل تتفاوض علي دولة مؤقتة في حدود 67؟ أمور عديدة تقف حجر عثرة أمام إتمام هذه المصالحة، وعلي حماس أن تستفيد من تجربتي الإخوان في مصر وتونس وأن يقوموا بمراجعات حقيقية تسمح بانخراط حماس في الجماعة الوطنية الفلسطينية من جديد، كما أنه علي فتح ألا تستخدم المأزق الذي تعيشه حماس لإبرام اتفاق مصالحة هش ما يلبث أن ينهار أمام أول تحد.
 

الأربعاء، 1 يناير 2014

أردوغان الذي لم نعرفه | محمد صالح رجب | بوابة الأسبوع

أردوغان الذي لم نعرفه | محمد صالح رجب | بوابة الأسبوع
أردوغان الذي لم نعرفه https://www.masress.com/elaosboa/127509
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 02 - 01 - 2014

هللنا كثيرا لأردوغان في مناسبات عدة، وقتها لم نكن نعرف الرجل جيدا، لم نكن نعرف أن انتفاضته في وجه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز وإدارة منتدي دافوس في يناير 2009 انتفاضة لحماس لا لفلسطين، لم نكن نعرف أن أسطول الحرية الموجه إلي غزة في مايو 2010 وما أعقبه من مواقف كان أيضا لنصرة حماس وليس نصرة لأهلنا في غزة، لم نكن نعرف أن موقف أردوغان من الثورة علي الرئيس الأسبق مبارك ومناشدته له بالإنصات إلي شعبه كانت نصرة للعشيرة وليست لمصر، لم نكن نعلم أن زيارة أردوغان لمصر عقب ثورة يناير ودعمه لنظام محمد مرسي نصرة للإخوان وليس من أجل عيون الشعب المصري. 
لكن بدأنا نعرف بعد أن ثار الشعب ضد الإخوان، عندما لم يدع 'أردوغان' مرسي للإنصات إلي شعبه، كما فعل مع مبارك، واعترض علي مساندة الجيش للشعب في 30 يونيو وسماه انقلابا ولم يعترض علي ذات التصرف إبان ثورة 25 يناير وسماها ثورة، بدأنا نعرف عندما سمح أردوغان لنفسه بالتدخل في شئون مصر بشكل سافر، ونصب نفسه واليا علي مصر وطرفا أصيلا في الأحداث، بدأنا نعرف الرجل جيدا ونعرف أنه لم ينتصر مرة واحدة لمصر ولا لقضايا الأمة، إنما انتصر للعصبية، انتصر للأهل والعشيرة، انتصر للإخوان في مصر وغزة علي حساب المصالح العليا لمصر والأمتين العربية والإسلامية.
لكن لعنة الفراعنة التي أصابت كل من تطاول علي مصر من قبل أبت أن تستثني أردوغان، فبدأت حقيقة الرجل تتكشف أيضا إلي شعبه والعالم، فأردوغان الذي بني حملاته الانتخابية علي محاربة الفساد لن يتباهي من ألان فصاعد بأن حزبه وحده لم يلوث بقضايا فساد بعد زلزال الفساد الذي ضرب أركان حكمه بأسرع مما كنا نتصور، حيث بدأت الملاحقات القضائية للمحسوبين علي نظامه كما طالت ابنه بلال الذي استُدعي للتحقيق معه رغم كل الضغوط التي مورست علي القضاء التركي والتي أجبرت معمر أكاش وهو احد المحققين في هذه القضايا إلي تقديم استقالته علي خلفية رفض الشرطة التركية توقيف 30 شخصية محسوبة علي أردوغان ونظامه.
وعبثا حاول أردوغان التغطية علي قضايا الفساد هذه أو حتي إيقاف أثرها المتضخم ككرة الثلج لا سيما بعد فض تحالف أردوغان-غولن، وقرب الانتخابية البلدية والرئاسية المقررة في تركيا عام 2014، فلم تفلح التعديلات الوزارية التي أجراها ولا محاولة الزج بالعنصر الخارجي وأصابعه التي تعبث في استقرار وأمن تركيا، ولا حتي محاولة حشد مؤيديه، لم تفلح كل محاولاته في لملمة الأمر وتهدئة الشارع، بل علي العكس خرجت مظاهرات حاشدة ضد أردوغان وحزبه وانخفضت الثقة في الاقتصاد التركي وتراجع المؤشر الرئيسي في بورصة اسطنبول وتراجعت الليرة التركية رغم تدخل البنك المركزي إلي 1.1515 في أدني مستوي لها مقابل الدولار الأمريكي.
لقد تهاوت أو أوشكت صورة الرجل في العالم والأهم في نفوس شعبه، بعد أن زال عنه القناع وعرف الناس حقيقته، ولم يبق له إلا الأهل والعشيرة يحاول حشدهم والتنقل بهم من مكان إلي آخر للحفاظ علي وجود ما في الخريطة السياسية التي استأثر منفردا بها وحزبه علي مدار 11 عاما خلت.
وقديما قالوا هيبة الحاكم
اذا أراد الله اسقاط حاكم نزع مهابته من قلوب الناس
إن قضايا الفساد التي كشفت وعرت أردوغان ونظامه أمام الشعب التركي ككرة الثلج مرشحة للتضخم، لا سيما مع فض التحالف بين أردوغان - غولن، ومع قرب الاستحقاقات الانتخابية البلدية والرئاسية المقررة في تركيا 2014، رغم محاولات أردوغان الحثيثة للتغطية عليها وإيقاف أثارها بالتعديلات الوزارية وبالزج بالعنصر الخارجي وأصابعه التي تعبث باستقرار تركيا.