الخميس، 23 فبراير 2012

ترويض الرئيس ( بقلم : محمد صالح رجب )


ترويض الرئيس
                                 
(هل استطاع الغرب ترويض الأسد ؟)

كان الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد يعد نجله ( باسل ) لتولي منصب الرئيس من بعده ، لكن فجأة رحل باسل في حادث سير عام 1994 م ، وكان على الرئيس سرعة إعداد البديل حتى يقطع الطريق على أخيه رفعت الأسد .. عندها ظهر ( بشار ألأسد )  طبيب العيون وخريج جامعة دمشق ، عمل بشار بمستشفى تشرين العسكري لفترة ثم ذهب إلى  بريطانيا عام 1992 م وعاد عام 1994 م ليلتحق بالقوات المسلحة برتبة نقيب ، ثم تدرج سريعا حتى وصل إلى رتبة عقيد ركن عام 1999 م .
وكما أراد الرئيس حافظ الأسد أن يصبغ وريثه بالخبرات العسكرية ، أراد أيضا أن يقدمه سياسيا وبأسرع وقت ممكن ، فكان تكليفه بالملف اللبناني ،عام 1995 م ، وأيضا زيارته الشهيرة إلى باريس ولقاء الرئيس شيراك في 7 نوفمبر من عام 1999 م والتي كاد يسقط فيها على مدرج الإليزيه .
هذا الإعداد السريع عسكريا وسياسيا لم يكن كافيا لشغل منصب رئيس لدولة محورية مثل سوريا ، لذلك عندما تولى الرئيس بشار سدة الحكم في 11 يوليو عام 2000 م  ، شعرت القوى الإقليمية والدولية أن ثوب سوريا فضفاض على الرئيس بشار الأسد .واعتبرتها فرصة ذهبية ، من ناحية تخلصت من الراحل حافظ الأسد الذي كان شوكة في حلق تلك القوي من خلال إمساكه بخيوط عدة هامه في المنطقة ، ومن ناحية أخرى تولي قيادة شابه أبسط ما يقال عنها أنها خام يمكن تشكيلها كيفما تشاء ، وتوجيهها إلى الوجهة التي تريد.
وانتظر الجميع ظهور الرئيس في مناسبات عدة وأذكر هنا موقفه في قمة القاهرة العربية  غير العادية في 21 اكتوبر عام 2000 م  والتي ظل يشرح للقادة العرب موقفه من السلام كخيار استراتيجي ، وكيف أن العرب ليس أمامهم خيارات حتى يكون السلام هو الخيار الإستراتيجي ، وأنه آن الأوان أن يكون للعرب خيارات أخرى .
وبدأت تظهر معالم الرجل شيئا فشيئا ، فهو على غير ما توقعت القوى الكبرى .. إنه عنيد إلى أقصى درجه ، بل أنه لم يدخل تحت عباءة قوى إقليمية ودولية كما كان متوقع .، واتخذ الأسد موقف المواجهة ، كما اتخذته القوى الدولية ضده ، بل وصعدت الأمر فصارت دولة الأسد  ـ كما يرون ويرجون ـ إحدى محاور الشر ، وصار الأسد ديكتاتورا ، ويزج بالأبرياء في غيابة السجون ، كما أنه اغتال رفيق الحريري وآخرين في لبنان ، وصارت بلاده مأوى للإرهابين من حماس ، وممر آمن لأسلحة حزب الله الإرهابي ، كما اتهم بأن أطماعه في لبنان لا حدود لها حتى أنه لايعترف بلبنان كدولة مستقلة ولا يقيم معها علاقات طبيعية ولا توجد لبلاده سفارة هناك مثل باقي الدول .,كما أنه داعم أساسي للإرهابيين في العراق .
 نعوت وتهم من كل صوب وحدب ،لم ينحني لها الأسد وازدادا عنادا  ، ولكن  فجأة  ودون سابق إنذار توقف الزمن للحظه ,, توقف كل شيء وكأن شيئا ما بدأ بالتغير ، مرحلة جديدة بانتظار سوريا تحت قيادة هذا الرئيس الشاب ، ، بدأنا نسمع عن المحادثات السورية الإسرائيلية في تركيا ، وعن تعاون سوري مرضي على الحدود مع العراق ، وعن دور فاعل لسوريا في إنجاز إتفاق الدوحة لجمع الفرقاء اللبنانيون ، بل واستعداد تام لترسيم الحدود مع لبنان وإرسال سفيرا لها في بيروت ، رأينا دعوة الرئيس السوري لزيارة فرنسا واستقبال ساركوزي له بحرارة وحفاوة بالغتين..تغيرات حادة كثيرة حدثت في فترة وجيزة لم يكن أكثر المحللين تفاؤلا يتوقعها مما حذا بالبعض أن يتساءل :
كل هذا التحول الحاد في المواقف السورية هل يعني بالضرورة أن الغرب نجح في ترويض الأسد تمهيدا لإخراجه من العباءة الإيرانية ؟ .. من يدري .. !! ( مع تحياتي)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق